الدين التسلطى والدين الإنسانى || حسام الحداد

Поделиться
HTML-код
  • Опубликовано: 3 окт 2024
  • إريك فروم المعروف بنشاطه العلمى والاجتماعى ـ السياسى وجهوده من أجل بناء أساس نظرى منهجى لما يطلق عليه ” النزعة الإنسانية” واللي بيناقش أزمة الإنسان المعاصر في بحثه المهم ” الدين والتحليل النفسى ” اللى بيعد بحث فى الأخلاق، بيحاول أنه يلاقي طريق ثالث بين فريقين من علماء النفس اللي بيشوف واحد منهم الدين عرض من أعراض الصراعات العاطفية والثاني بيؤمن بالدين ويمارس شعائره .
    • إريك فروم: الحرية.. وخ...
    ويبدا الكتاب بالتساؤل عن اللي حققه الإنسان ـبجانب التقدم التكنولوجى ـ فى اتجاه حلمه البعيد فى الكمال عشان يكون صورة للإله؟ ـ ولما بيلجأ للواقع ويدور عن الإجابة بيلاقي أنه فى الوقت اليى بيدور فيه العلماء عن وسائل كيميائية جديدة لإسقاط المطر، تدعو الكنسية لإقامة الصلوات نتيجة لنقص المياة فى مدينة نيويورك. أو زي ما عبر فى أحد مؤلفاته الأخرى: ـ” فبينما نعيش تكنيكيا فى العصر الذرى، فإن غالبية الناس لا يزالون يعيشون وجدانيا فى العصر الحجرى ـ بما فى ذلك غالبية من يقبضون على زمام السلطة “.
    وبيشوف إريك فروم أن الدعوة إلى العودة إلى الدين كحل للأزمة، هى فى جوهرها عرض من أعراض العصاب لان ما بيكونش اللجوء إلى الدين فعلا من أفعال الإيمان، ولكنه بيكون هروب من شك هائل ناحية مصدر للأمن.
    وفى العصر الحالى ” يحترف” القساوسة والكهنة الإهتمام بالروح بينما التاريخ الإنسانى شهد فى بعض الحضارات فلاسفة قاموا بالدور الذى أسماه أفلاطون”طب الروح “. واستمر التقليد دا فى عصر النهضة، وبلغ ذروته فى عصر التنوير، إلا أن الإنسان ـ منتشيا بالرفاهية المادية الحديثة، وبنجاحه فى السيطرة على الطبيعة ـ ما بقاش بيبص لنفسه بوصفه الموضوع الأول فى الحياة والبحث النظرى، بل أصبح أداة لاستخدام الأشياء والناس بعد ما كان وسيلة للكشف عن الحقيقة وغاية فى ذاته.
    أقرب مثال إلى معنى الدين التسلطى يوجد فى تعريف معجم أكسفورد للدين:
    “الدين هو اعتراف الإنسان بقوة عليا غير منظورة، تتحكم فى مصيره ولها عليه حق التبجيل، والطاعة، والعبادة”. فجوهر التجربة فى هذا الدين هو الاستسلام لقوى خارج نفس الإنسان، والفضيلة فيه هى الطاعة الناجمة عن سيطرة الإله، لا الناتجة عن تمثيل الإله للجب أو العدل - والخطيئه فيه هى العصيان. وفى لاهوت كالفن مثال على تلك النزعة التسلطية التى تحتقر كل شئ فى الإنسان ويخضع فيها العقل الذى ينوء بفقره ومحدوديته لقوة يسقط عليها كل ما يسلبه من نفسه.
    وهناك أيضا دين تسلطى دنيوى، حيث يصبح الرئيس او السلطان او الحاكم أو أبو الشعب المحبوب، أو الجنس، أو الدولة موضوعا للعبادة.
    أما تجربة الدين الإنسانى فهى قائمة على ارتباط الإنسان بالعالم وينبغى على الإنسان فيها أن يدرك حقيقة إمكانياته وحدوده على السواء وأن ينمى قدرته وعلاقاته بغيره من الناس. وهدف الإنسان فى تلك التجربة هو تحقيق أكبر قدر من القوة لا العجز، والإله فيها رمز لقوى الإنسان الخاصة. وتوجد هذه التجربة فى البوذية المبكرة، والطاوية، وتعاليم المسيح، وفكر سقراط وسبينوزا وبعض الاتجاهات فى اليهودية والمسيحية وبخاصة التصوفية منها. يقول السيد المسيح: إن ملكوت الرب فى داخلك. وتذهب طائفة زن - البوذية إلى أن أية معرفة لاقمية لها إن لم تنبت من أنفسنا.
    فى الدين التسلطى يسقط الانسان ما يملكه أصلا (العقل والحب) على الإله، وهى علاقة شبيهة بالطابع الخانع المشوب بالماسوشية. وحينئذ يغترب الإنسان عن قواه الخاصة، وفى علاقته بالإله يحاول أن يتصل بهذا الجزء من نفسه الذى أسقطه عليه، فيزيد من خضوعه واعتماديته، ليس هذا فحسب، بل إن الإنسان يحتقر نفسه وضعفه، ويحتقر الآخرين أيضا، وينفصل “المقدس” عن “الدنيوى” فيعيش بلا حب وحينما يشعر بأنه خاطئ يلجأ إلى الإلة من أجل المغفرة، فيلح على عجزه، أى على مصدر خطيئته، ويصير عاجزا عن استرداد نفسه.
    وذلك على عكس الموقف فى الدين الإنسانى حيث الإنسان دائم السعى إلى التوحد مع نفسه ومع الكون.
    “وسواء كنا متدينين أو لم نكن، وسواء اعتقدنا فى ضرورة قيام دين جديد، أو فى دين بغير دين، فإننا من خلال اهتمامنا بالجوهر لا الأهداف الخارجية، وبالتجربة لا الكلمة، وبالإنسان لا الكنيسة، سنمضى فى الطريق إلى مزيد من التواضع والحب الأخوى” هكذا ينادى فروم فى مجمل حديثه

Комментарии •