دخول الجنه بتوفيق الله و ليس بعملنا. مفهوم ليس كمثله شيء؟ من هم السابقون السابقون.باب العفو في الجنة

Поделиться
HTML-код
  • Опубликовано: 16 авг 2017
  • مفهوم الميمنة و الميسرة - حق العباد على الله و حق الله على العباد- من الخالدين في الجنة
    (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) أي كل نفس تذوق طعم مفارقة البدن وتحس به، وفى هذا إيماء إلى أنالنفس لا تموت بموت البدن، لأن الذي يذوق هو الموجود، والميت لا يذوق. فالذوق شعور لا يجس به إلا الحي. (وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) أي وإنما تعطون جزاء أعمالكم كاملا وافيا يوم القيامة، وفى ذكر التوفية إشارة إلى أن بعض الأجور من خيرا وشر قد تصل إليهم فى الدنيا جزاء أعمالهم، ويؤيده ما أخرجه الترمذي والطبراني مرفوعا، «القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران» .
    (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ) أي فمن خلص من العذاب ووصل إلى الثواب فقد فاز بالمقصد الأسمى والغاية التي لا مطلب بعدها،
    وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه منيّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليؤت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه» .
    والخلاصة- إن هناك جنة ونارا، وإن من الناس من يلقى فى هذه ومنهم من يلقى فى تلك، وإن هول النار عظيم، وعبر عن النجاة عنها بالزحزحة كأن كل شخص كان مشرفا على السقوط فيها، لأن أعمالهم سائقة لهم إلى النار، لأنها أعمال حيوانية تسوق إليها ولا يدخل الجنة أحد إلا إذا زحزح، فالزحزحة عنها فوز عظيم، وأولئكالمزحزحون هم الذين غلبت صفاتهم الروحية على الصفات الحيوانية فأخلصوا فى إيمانهم، وجاهدوا فى الله حق جهاده، ولم يبق فى نفوسهم شائبة من إشراك غير الله معه فى عمل من أعمالهم. (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ) أي وما حياتنا القربى التي نحن فيها ونتمع بلذاتها الحسية من مأكل ومشرب، أو المعنوية كالجاه والمنصب والسيادة إلا متاع الغرور لأن صاحبها دائما مغرور مخدوع لها، تشغله كل حين بجلب لذاتها ودفع آلامها، فهو يتعب لما لا يستحق التعب، ويشقى لتوهم السعادة. والخلاصة- إن الدنيا ليست إلا متاعا من شأنه أن يغرّ الإنسان ويشغله عن تكميل نفسه بالمعارف والأخلاق التي ترقى بروحه إلى سعادة الآخرة.
    فينبغى له أن يحذر من الإسراف فى الاشتغال بمتاعها عن نفسه وإنفاق الوقت فيما لا يفيد، إذ ليس للذاتها غاية تنتهى إليها فلا يبلغ حاجة منها إلا طلب أخرى. فما قضى أحد منها لبانته ... ولا انتهى أرب منها إلا إلى أرب وعليه أن يسعى لكسب علم يرقى به عقله، أو عمل صالح ينتفع به وينفع عباده، مع إصلاح السريرة، وخلوص النية، وقد قال بعض الصوفية: «عليك بنفسك إن لم تشغلها شغلتك» .
    (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) المجذوذ: المقطوع، من جذّه إذا قطعه أو كسره، وهو كقوله:
    «لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ» أي إن هذا الجزاء هبة منه وإحسان دائم غير مقطوع، وقد كثر وعد الله تعالى للمؤمنين المحسنين بأنه يزيدهم من فضله، وبأنه يضاعف لهم الحسنة بعشرة أمثالها، وبأكثر من ذلك إلى سبعمائه ضعف، وبأنه يجزيهم بالحسنى، وبأحسن مما عملوا- ولم يوعد بزيادة جزاء الكافرين والمجرمين على ما يستحقون، بل أوعدهم بأنه يجزيهم بما عملوا، وبأن السيئة بمثلها وهم لا يظلمون، وبأنه لا يظلم أحدا، وهذا الجزاء وهو الخلود فى النار أثر طبيعى لتدسية النفس بالكفر والظلم والفساد.وبعد أن شرح سبحانه أقاصيص عبدة الأوثان، ثم أتبعه بأحوال الأشقياء والسعداء، أنذر أعداء النبي صلى الله عليه وسلم والمشركين من قومه بما حل بالأمم المهلكة من العذاب فقال:
    (فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ) أي إذا كان أمر الأمم المشركة الظالمة فى الدنيا ثم فى الآخرة كما قصصناه عليك، فلا تكن فى أدنى ريب مما يعبد قومك هؤلاء فى عاقبته بمقتضى تلك السنن التي لا تبديل لها.
    وفى ذلك تسلية له صلى الله عليه وسلم ووعيد لقومه كما لا يخفى.
    ثم بين حالهم فى عبادتهم وجزاءهم عليها فقال:
    (ما يَعْبُدُونَ إِلَّا كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ، وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ) أي إنهم أشبهوا آباءهم فى الجهل والتقليد فهم مقلدون لهم، وإنا لمعطوهم نصيبهم من جزاء أعمالهم فى الدنيا وافيا تامّا لا ينقص منه شىء كما وفينا آباءهم الأولين من قبل فأعمال الخير التي يعملونها فى الدنيا كبرّ الوالدين وصلة الأرحام وإغاثة الملهوف يوفون جزاءهم عليها بسعة الرزق وكشف الضر جزاء تاما وافيا ولا يجزون عليها فى الآخرة، ومثل هذا الجزاء متاع عاجل لا يلبث أن يزول.
    (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) أي والسابقون الذين يتقدمون غيرهم إلى الطاعات- هم الذين اشتهرت أحوالهم، وعرفت فخامة أمورهم، وقد يكون المعنى والسابقون إلى طاعة الله تعالى هم السابقون إلى رحمته سبحانه، فمن سبق فى هذه الدنيا إلى فعل الخير كان فى الآخرة من السابقين إلى دار الكرامة، فالجزاء من جنس العمل وكما تدين تدان.
    وعن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «أتدرون من السابقون إلى ظل الله يوم القيامة؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال: الذين إذا أعطوا الحق قبلوه، وإذا سئلوه بذلوه، وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم» أخرجه أحمد.
    (أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ. فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) أي أولئك المتصفون بذلك الوصف الجليل (السبق) هم الذين نالوا حظوة عند ربهم، وهم فى جنات النعيم، يتمتعون فيها بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.(ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ. وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) أي هم جماعة كثيرة من سالفى الأمم وقليل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ويستأنس لهذا بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة» .

Комментарии •