مالك بن نبي المفكر المظلوم بين أهله (الجزء الأول) مرحلة الطفل إلى الحرب العالمية الثانية

Поделиться
HTML-код
  • Опубликовано: 17 сен 2024
  • في بداية القرن العشرين شهدت ولاية قسنطينة مدينة العلم والعلماء، ولادة الأستاذ مالك بن نبي، الذي عاش فيها بداية طفولته، ثم انتقل مع عائلته إلى ولاية تبسة أين التحق بمدارسها الابتدائية والمتوسطة.
    في طوره الثانوي عاد الأستاذ مالك بن نبي إلى قسنطينة أين التحق بمدرسة هي الوحيدة في الشرق الجزائري، أنشأتها فرنسا خصيصا لإعداد وتكوين القضاة والمترجمين.
    في هذه الأثناء وهو في قسنطينة لاحظ مالك بن نبي بأنّ أمور المجتمع القسنطيني قد تغيرت إلى الأحسن، حيث انتقل الناس من الخمول إلى النشاط، ومن البطالة إلى العمل، كلّ يريد الإصلاح والتغيير، وكان الذي أحدث تلك الهبة هو الإمام عبد الحميد ابن باديس.
    استمر مالك بن نبي في دراسته الثانوية حتى سنة 1925 أين تحصّل فيها على شهادة البكالوريا، ثم لم يطل به الأمر حتى عُيّن سنة 1927 موظفا في إحدى المحاكم.
    سنة 1930 حط الأستاذ مالك بن نبي الرحال في محطة ليون بباريس، أين وجد عالما مختلفا، مليء بالنقاشات والمطاحنات السياسية والفكرية.
    احتك الأستاذ مالك بن نبي بهؤلاء وأصبح يحضر منتدياتهم ويشاركهم نقاشهم وجدالهم حاملا همّ الدفاع عن الإسلام وأهله.
    في تلك المرحلة كان طلبة شمال إفريقيا لهم مكان يجتمعون فيه، يتسامرون ويتناقشون في أمور دينهم ودنياهم، فانتهز الأستاذ مالك بن نبي فرصة اجتماعهم ليقوم بأوّل محاضرة له هناك، وكان موضوعها عن الإسلام.
    في أواخر سنة 1930 التحق بمدرسة اللاسلكي وزاد احتكاكه بطلبة شمال إفريقيا، وأصبح يجتمع بهم ويحاضر لهم بين الحين والآخر، إلى أن وصلت السنة التي التقى فيها بالزعيم الوطني أحمد مصالي الحاج رئيس حزب نجم شمال إفريقيا حيث اجتمعوا في لقاء حضره سبعة أفراد، أربعة من العمال منهم الزعيم مصالي الحاج، وثلاثة طلبة منهم مالك بن نبي، عقدوا هذا اللقاء تحضيرا لتنظيم حفل يتم فيه إعادة بعث حزب نجم شمال إفريقيا من جديد.
    كان الأستاذ مالك بن نبي بخصوص هذه الاتجاهات يميل إلى الاتجاه الإصلاحي، من باب أنّ الحركة الإصلاحية قائمة أساسا على نشر الإسلام والتعليم والوعي والتربية، ومحاربة الجهل والتخلف، والبدع والخرافات، وهذا هو الطريق الذي تقوم عليه الدورة الحضارية. قال الأستاذ مالك بن نبي في شروط النهضة:
    إنّ هذه القيادات والاتجاهات ـ رغم تباينها واختلافها ـ كانت متفقة على نقطة هي: إرادة الحركة والتجديد، والفرار من الزوايا الخرافية إلى المكاتب العلمية، ومن الخمّارات الحقيرة إلى مواطن أكثر طهارة وفائدة.
    ولقد كانت حركة الإصلاح التي قام بها العلماء الجزائريون أقرب هذه الحركات إلى النفوس، وأدخلها في القلوب، إذ كان أساس منهاجهم الأكمل قوله تعالى: "إنّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" فأصبحت هذه الآية شعار كلّ من ينطرح في سلك الإصلاح في مدرسة ابن باديس، وكانت أساسا لكل تفكير، فظهرت أثارها في كلّ خطوة، وفي كلّ مقال، حتى أشرب الشعب في قلبه نزعة التغيير فأصبحت أحاديثه تتخذها شرعة ومنهاجا، فهذا يقول: لا بد من تبليغ الإسلام إلى المسلمين، وذاك يَعِظْ: فلنترك البدع الشنيعة البالية التي لطخت الدين، ولنترك هذه الأوثان، وذلك يُلِحّْ: يجب أن نعمل، يجب أن نتعلم، يجب أن نُجَدِّدَ صلتنا بالسلف الصالح، ونحيي شعائر المجتمع الإسلامي الأول.
    وإنّه لتفكير سديد، ذلك الذي يرى أن تكوين الحضارة كظاهرة اجتماعية إنما يكون في نفس الظروف والشروط التي ولدت فيها الحضارة الأولى.

Комментарии • 53