كنت قد رفعت في السابق ناطق الراست لحمامي زاده اسماعيل دده أفندي والذي اشتمل على 24 مقاما موسيقيا وعلى ايقاع واحد وهو ايقاع السنكين سماعي المرقم بمقياس 6 على 4 ولم يجمع في ناطق كاره بين المقامات والإيقاعات .. واليوم ارفع هنا كار ناطق الراست للملحن الموسيقي ( خطيب زاده عثمان افندي ) المتوفي سنة 1680 م وهذا الكار يضم 15 مقاما موسيقيا موجودة في داخله شعرا ولحنا ونظما وغناء .. إضافة ألى اشتماله على 15 ايقاع كبير وصغير , مستهلا بالايقاعات الكبيرة ومختتما بالايقاعا الصغيرة الرشيقة الحركة .. وبالنسبة لشعر الكارات وتلحين نظمها فهناك الرباعي والخماسي والسداسي ولكل واحد منهم له ترتيبه ونظامه التلحيني وفي ناطق كارنا لهذا اليوم - لخطيب زاده نجد أنه يذكر في كل شطرة من البيت الأول اسم مقام موسيقي وفي الشطرة الثانية تتمة البيت يذكر اسم إيقاع وهو قد تتبع هذا النظام والترتيب من أول ناطق الكار إلى أخره مثال البيت الاول : Râst geldim mürgzâr içre o şûh-ı dil keşe حيث عنون ناطق كاره الراست , فذكر في أول كلمة اسم المقام الذي سيعنون به ناطق الكار عند كلمة ( راست غالدم Râst geldim) ونلاحظ في الشطرة الثانية ذكر اسم الإيقاع الذي جرى عليه هذا الاستهلال وهو أيقاع الشنبر التركي 24\4 فقال : Bir usûl ile idüp der-Çenber itdim râm anı ( شنبر أتديم Çenber itdim ) ثم جاء إلى الشطرة الثالثة فذكر اسم مقام الرهاوي Bir Rehâvî nagme-i dil-sûza âgâz eyle kim وأتبعها في الشطرة الرابعة بإيقاع الدوري كبير 28\4 فقال Def gibi Devr-i Kebîr ile döne çarh-ı denî وطبعا عندما يذكر اسم المقام والايقاع في الشطرنين فيقول مقام رهاوي وايقاع الدور كبير فهذا يعني أن الشطرتين تعملان مقام الرهاوي موقع على إيقاع الدور كبير وكل باقي الاشطر تجري على نفس المتطلب وهو التحول للمقام المذكور وموقعا ومتزامنا مع الايقاع المذكور أيضا ... وهذه هي أبيات ناطق الراست للإمام خطيب زاده عثمان أفندي : وفي كل شطرة اسم مقام ويليه في الشطرة الثانية اسم الايقاع الذي يمضي عليه سير المقام وسوف أرفق مع ذلك صورة الأبيات وملون بالأحمر اسم المقام والايقاع المتغيران في كل شطرتين : ********************* Râst geldim mürgzâr içre o şûh-ı dil-keşe Bir usûl ile idüp der-Çenber itdim râm anı Bir Rehâvî nagme-i dil-sûza âgâz eyle kim Def gibi Devr-i Kebîr ile döne çarh-ı denî Nagme-i Nikrîz'den kaçmaz görüp cânâneyi Bir Hafîf âvâz ile çekdim usûle ten teni Ol Nihâvendî ‘Acem mahbûbına tenhâca dün Fârisî bilmez misin didim Berefşân dâmeni Bir Nühüftî nazar ile eyleyüp ‘Uşşâk'a nâz Çekdi Zincîr'e kemend-i kâküli ammâ beni Pençe-i dest-i muhannâsın Sabâ tahrîk idüp Açdı bir zîbâ Muhammesle o gül pîrâheni Nakş al mutrib Hüseynî'de kıl icrâ kârıñı Tek Düyek olsun usûli durma eglendir beni Halka-i tevhîdde itdi Hisârî dilleri Hây u hûy-ı Sûfyân-ı tekyegâh-ı Gülşenî Gabgab-ı dildârda bir Bûselik yer koymadı Pîç ü tâb-ı kâküli kıydı Firenkçîn gerdeni Gördi bir Kürdî çemende bâğbân itmiş kazâ Fâhte koynında serviñ girdi tutdı meskeni Tutdı dil semt-i beyâbân-ı Hicâz'ı ba’d-ez-în Kumda oynatsun Remel bahrinde seyrân ideni Ben Niyâz itdikçe ol Şehnâz'e başlarsa ne gam Tek sakîl-i bî-mürüvvet olmasun pîrâmeni Bî-karâr iken Nevâ-yı bülbül ile bâgda Eyledi âsûde bir Devr-i Revân cân u teni Rind olur cânâ ‘Irâkî'ler sakın basdırmasun Bezm-i nûş-â-nûş-ı meyde Nîm-devr ile seni Evc-gîr-i 'âlem-i şevk oldı Nevres nağmeler N'ola rûhânîlere itse Semâ’î reh-zenî ***************
أخيرا أوصي طلاب العلم والفن واخواني من السميعة وذواقي الفن الرفيع : ألا يضجروا من سماع هذا الناطق ففعمه يحتاج لسماع تكراره عدة مرات , وأن يسمعه المرء بكل تأمل وإنصات , وتفكروتدبر وأن يعيش مع مسارات لحنه وبدائع صنعه .. فأنطق تسمع ناطق كار وليس مجرد موشح أو اغنية .. لذلك يحتاج هذا الناطق ولفهم جمله اللحنية ولتذوق ما ورد فيه من صةر وتغابير ولذيذ الإنتقالات والتحولات بين المقامات والإيقاعات إلى شيء من الصبر ففن الكارات هو خاص بأهل الفن والصنعة ولم يلحن للعوام وسائر عامة أهل الفن وعلى قولة البطش في مخطوطه : فتنبه لهذا ولا تكن من الغافلين ولننتبه إلى الرقي في ضرب الإيقاعات مع الغناء في الفيديو حيث جاءت ظلا خفيفا ونسيما رقيقا هامسا خلف المغني حتى يسمع المرء هذه الألحان في الناطق بهدوء وسكينة وتامل ,, مو متل ضاربي الإيقاع اللي عنا بحلب والعياذ بالله نقارين طناجر بأقوى من سوق النحاسين لا ذوق ولا فهم ألا من رحم ربي ***************************** الكلمة المظللة باللون الأحمر ضمن الفيديو هي لاسم المقام والمظلة بالأصفر هي لاسم الإيقاع والمقامات ال15 عشر مع الإيقاعات ال15 عشر والواردة في ناطق الكار هذا هي كما يلي وضمن كل بيتين من الشعر : 1- مقام راست إيقاع شنبر تركي 24\4 2- مقام رهاوي على إيقاع الدور كبير 28\4 3- مقام نكريز على إيقاع الخفيف التركي 32\4 4- مقام النهاوند على إيقاع البرفشان تركي 32\4 5- مقام النُهُفت على إيقاع الزنجير وإيقاع الزنجير يتألف من 5 موازين إيقاعية مربوطة في داخله وهي بالترتيب التالي : إيقاع الجفتة دويك 16\ 4 إيقاع الفاخت التركي 20 \ 4 إيقاع الشنبر التركي 24 \ 4 إيقاع الدوري كبير 28 \4 إيقاع البرفشان التركي 32\4 ومجموعهم يساوي 120 زمن من علامة النُوار 6- مقام صبا على إيقاع المخمس تركي 32\4 7- مقام حسيني على إيقاع الدويك 4\4 8- مقام حصار على إيقاع الصوفيان 2\4 9- مقام بوسلك على إيقاع الفرنكجين 24\4 10 مقام كردي على إيقاع الفاخت 20\4 11 مقام بياتي على إيقاع الرمل التركي 56\4 12 مقام شهناز على إيقاع الثقيل التركي 48\4 13 مقام النوى على إيقاع الدور روان 14\8 14 مقام عراق على إيقاع النيم دور 18\4 15 مقام أوج على إيقاع اليوروك سماعي 6\8 وينتهي ناطق الكار معه ويذكرني هذا الناطق بروحانيته بأجواء زاوية الذكر - الزاوية الهلالية وروحانية منشدها شيخي الشيخ مسعود خياطة رضي الله عنه ********************************* وإن شاء الله إن كان في العمر إنفساح فسوف ألحن ناطق كار يشمل جملة مقامات موسيقية المشهور منها والنادر وكل الأمور تجري بمقادير الهك
ناطق الكار في الموسيقى والتلحين : هو عبارة عن لحن غنائي من المستوى الرفيع ويستهل بمقام معين يشرع منه الملحن عمله ويختار الانطلاق من خلاله وبه يسمى الكار .. ثم يتابع مسيرته متنقلا من مقام إلى مقام وهو يتنقل ايضا بين الإيقاعات الموسيقية المختلفة وهو الاسم الذي يطلق على الأعمال التلحينية الغنائية الطويلة و التي تبدأ عمومًا بالترديد والترنمات والمثاني والامانات وتستخدم إيقاعات مختلفة وعادة ما يتم إجراؤها مباشرة بعد البيشرف.ز هذه التغييرات الأسلوبية تعطي العمل حيوية مختلفة. وبعد أداء كار، يتم يتم عادة تنفيذ نموذج البستة وهي تتألف من دور اول ودور ثاني ثم خانة وتسليم في داخل بعض .. وتشبه البستة تلحين الموشح العربي القديم عندنا *************************** ويسمى ناطق الكار باسم المقام الذي استهل به الملحن ، وينتهون بالمقام الذي بدأ منه. ولكن لكل قاعدة استثناءات .. فهناك ناطق استهل مثلا بمقام الهزام وانتهي بعد جولته المقامية والايقاعية بمقام الراست , ولكن المشهور هو أن يختتم بعد جولته المقامية والايقاعية وبنفس المقام الذي ابتدأ به كار الناطق وتعني كلمة Nâtık المتحدث والدال والمخبر.
وكما ذكرت فقد ألّف قدامى الملحنينن نواطق الكارات من أجل تعليم الطلاب تدرج المقامات وطرق الانتقال فيها واستخدام الأساليب، والتمكن من ضرب الموازين والإيقاعات , والحيلولة دون نسيان المقامات والأساليب المعروفة في عصرهم أو جعلها غير صحيحة مع مرور الزمن؛ وهي أيضًا أعمال تثبت نضج الملحنين وقوتهم في الفن. ومن بين الخمسة عشر مقاماً أو نحو ذلك من المقامات التي تتوافر مقاماتها، تجدر الإشارة إلى ملحنين متأخرين حافظوا على استمرارية هذا القالب التلحيني العظيم ولحنوا منه ولم تنقطع سلسلة تلحين نواطق الكارات مثل الموسيقي الملحن شينوشان تانروغرور والذي لحن ناطق كار راست شمل 16 مقاما موسيقيا (توفي رحمه الله سنة ( 2000) وأحمد خطيب أوغلو أيضا , وكاني كراجا الضرير لحن ناطق كار من الصبا وكذلك الدكتور علاء الدين يواشجا والذي توفي منذ سنوات وهؤلاء الموسيقيون المتاخرون واصلوا هذا التقليد كي لا ينقطع وبوجد حتى الان ملحنون أقوياء جدا ما زالوا يلحنون نواطق الكارات حتى يومنا واذكر منهم الفنان النيازي أحمد شاهين وقد لحن كارا بديعا وعلى مقام نادر قام باختراعه وعلى ما أظن .. هو مقام الشوقي نيجار والذي لحن عليه كارا ناطقا وبشرفا وآيين شريف .. وناطقه هذا جاء في غاية الكمال والجمال , ومقام الشوقي نيجار هو عبارة عن جنس شوق أفزا في فرع المقام , وجنس سيكا العراق في جذع المقام وقلت أنه ربما يكون هو مبتكر هذا المقام , لأني بحثت عن أية عمل موسيقي أو تلحيني عليه فلم اجد في الليستات أي ذكر له سوى ما لحنه وأثبته الخوجة أحمد شاهين وهناك ملحنون آخرون بعيشون حتى اليوم لديهم كارات ملحنه لهم أما عندنا في حلب , فقديما كان هناك من يلحن ناطق الكارات على قلتها , ولكن كلها ماتت واندثرت بموت أصحابها ويا للأسف الشديد وهناك فرق بين الكار وناطق الكار فليتنبه لهذا والآن أتي إلى تعريف ناطق الكار , فاقول وبالله المستعان وعليه العمدة والتكلان
يبتدئ ناطق الراست هذا بمقام الراست وكما أسلفت وبعد جولاته المقامية والإيقاعية يختتم ناطق كاره بمقام الراست وينتهي معه المؤلف , وناطق الكار هو من أصعب التلاحين في الغناء الشرقي الكلاسيك وهو برأيي أصعب من تلحين البشرف والسماعي واللونغا والموشح والبستة والشرقي ,, فهو يحتاج لتزامنات عدة في اللحن مع المحافظة على الشعور والاحساس اللحني والقيود المقامية والإيقاعية ولذلك فهو يحتاج إلى ملحن قوي جدا ومخضرم مقاميا وإيقاعيا وتلحينيا . وليس أي ملحن يإمكانه تلحين ناطق كار وكلما اتسعت في الكار دائرة المقامات والإيقاعات فشملت أكبر عدد ممكن , كلما دل ذلك على قوة الملحن ومعرفته القوية بالتلحين وبالمقامات الموسيقية والموازين اللإيقاعية .. وكما يمكن أن يفهم من ذلك كله، إن ناطق الكار في إتيانه المقامات والأوزان من الصيغ التركيبية المهمة. وهي من هذه الناحية تشبه في ذلك صيغة ”فهرست المقامات والإيقاعات .. وهي صيغة مطلقة. ومن الواضح أن من يريد أن يتعلم ويحلل الموسيقا المقامية واجراءتها , ويتعلم اساليب الكار وناطقه .. لا بد له من معرفة واحدة أو أكثر من هذه المقامات. والإطلاع على هذه الكارات ويمكن القول إن العديد من المقامات الموسيقية النادرة وغيرها قد أُنقذت من النسيان بفضل هذه المؤلفات من ناطق الكارات في الفترات التي لم يكن فيها التدوين الموسيقي والنوطة شائعاً. ولذلك فقد حفظت هذه الكارات فهرست المقامات والايقاعات من الموت والفقد والإندثار وايضا كان تلحين الكارات هو نوع من التباهي وإظهار قدرات الملحن آنذاك ومعرفته الواسعة الدقيقة والعميقة بأسرار التلحين وبصناعة المقامات والإيقاعات .. وطبعا فالكارات الموجودة الملحنة ليست بنفس القوة التلحينية وبنفس البراعة والنفاسة والندرة , فهناك كارات خالدة تعبر عن الإعجاز البشري بالنسبة لقوة التلحين والصناعة , وهناك كارات دون هذا المستوى , وهذا التفاوت هو شيء طبيعي في عالم التأليف والصناعة . وإن تلحين مقام أو أكثر في كل بيت يتطلب القدرة على إظهار مسار مقام أو أكثر في كل بيت، والقدرة على الانتقال من مقام إلى آخر في وقت قصير وبأقصر الطرق. بالإضافة إلى ذلك، وبسبب تعاقب بعض المقامات التي يصعب الانتقال من مقام إلى آخرفيها ، فإن تأليف المقامات يتطلب إتقانًا حقيقيًا للموسيقى. ولذلك، لم يكتب كل الملحنين أعمالاً بهذا الشكل. اي لم يقتربوا من تلحين الكارات الموسيقية ******
ما هي أشكال الكارات ونواطقها ؟ قلنا أن ناطق الكار الغنائي الموسيقي هو عبارة عن لحن غنائي من المستوى الرفيع ويستهل بمقام معين يشرع منه الملحن عمله ويختار الانطلاق من خلاله وبه يسمى الكار .. ثم يتابع مسيرته متنقلا من مقام إلى مقام وهو يتنقل ايضا بين الإيقاعات الموسيقية المختلفة ... إذاً هو يجمع بين المقامات والإيقاعات في دفتيه ولكن دعونا نشرح طرق تلحين الكار مبتدئين من الأسهل للأصعب ومن البسيط للمعقد ومن السهل للأشد تعقيدا ولأكثر فنا وهندسة وابداعا النوع الأول : هو كار يستخدم إيقاعا واحد فقط مع تنقله بين مقامات موسيقية قليلة العدد , وهو اسهل نوع من أنواع تلحين الكارات النوع الثاني : كار يستخدم ايقاعات مختلفة مع تغير بسيط للمقامات النوع الثالث : كار يستخدم إيقاعا واحدا مع مقامات موسيقية كثيرة جدا وقد تصل الى 40 مقاما أو أكثر أو أقل النوع الرابع : كار يشتمل على موازين إيقاعية كبيرة وكثيرة وأيضا على مقامات موسيقية كثيرة وصعبة النوع الخامس : كار يشتمل على موازين أيقاعية كبيرة وكثيرة و على مقامات موسيقية عديدة وكثيرة ايضا ويزيد عما قبله أن الملحن فيه يراعي تلك الانتقالات وتوافقها مع لفظها في الكلام الشعري الملحن .. وهو أصعب الأنواع جميعها إذ يجب على الملحن أن ينجح في تحقيق ثلاث موازانات وهو مقيد بايقاع مخصوص ومقام مخصوص له ضوابطه وشروط سلمه وأجناسه وأن يحكمه مع ذكره حينما يأتي عليه اللفظ .. بمعنى أن الشعر حينما تأتي فيه كلمة ( العراق ) فعليه أن يأتي بمقام العراق مع وزن ايقاعي مخصوص ومختلف عما قبله وحينما يأتي في الكلام لفظة ( نيشابورك ) فعليه أن يأتي بمقام النيشابورك مع ايقاع مختلف عما قبله .. ويسير هكذا حتى يأتي في ضمن اللحن ربما بمئة مقام مع مئة ايقاع ويوجد أمثلة من الكارات على كل هذه التصنيفات الخمسة والتي ذكرتها وناطق كارنا الراست هذا وهو لخطيب زاده عثمان افندي هو من النوع الخامس والذي يشمل ايقاعات كبيرة كثيرة مع مقامات موسيقية كثيرة ( 15 مقام موسيقي مع 15 ميزان إيقاعي ) وهناك كار ناطق الصبا وهو لذكائي دده وفيه مقامات موسيقية كثيرة وسأرفعه ايضا تباعا مع شرحه وهناك كار راست ناطق للملحن أحمد عوني كونوك بك وفيه 119 مقاما موسيقيا وهو موجود بنوطه وتسجيلاته وسأرفعه لاحقا وهناك كارات أخرى كثيرة ككار للمعلم اسماعيل حقي بك وللقانوني حاجي عارف بك وللطنبوري رفيق فيرسان وأخرين .. وهناك منظومة شعرية تركية قديمة مطولة ذكرت في شعرها 376 مقاما موسيقيا مثبتا وقد قرأتها وفيها مقامات كثيرة لا أعرفها ولا أعرف اسرار تركيباتها ولا اعلم إن كانت ملحنة من الموسيقيين العثمانيين او الفارسيين القدماء أم لا لكنها منظومة تشبه منظومات امهات المتون والعلوم ****************
بالنسبة لغناء ناطق الراست هذا فقد غناه أكثر من فنان , ولكني آثرت رفعه بصوت المرحوم الفنان والملحن وضارب الإيقاع الضرير الكفيف ( كاني كراجا) وهو فنان مهم جدا على صعيد الغناء ولتوثيق القديم العويص والصعب من الألحان والبستات ونواطق الكارات وعتاول الشرقيات .. والعجيب الغريب أنه كيف استطاع حفظ ناطق الكار هذا وغيره وهو ضرير لا يقرا ولا يكتب نوطة ؟! والمعروف أنه ومثل هذه الاعمال والتلاحين الطويلة الصعبة والتي تتمن تحولات مقامية وضرب لموازين ايقاعية ضخمة وكبيرة .. يصعب جدا حفظها من غير نوطة موسيقية , ولكن سبحان الحليم الوهاب ويمتاز صوت كاني كراجا بالجهورية والصفاء , وثبات التون فيه , والتمكن الشديد من أداء اصعب الجمل اللحنية والموسيقية ... ويغني بعض البستات الطويلة كمربع البياتي الشعير والذي يضم 13 مقاما و11 إيقاعا وبحسب ما أذكر وكأن بحنجرته نستقر بضعة آلات موسيقية حقيقية , فهو ذو أداء صوتي متميز لا يشبهه بهذا أحد .. يؤدي المرحوم كاني كراجا هذا الناطق وبأرقى أداء , وبغناء كله هدوء واتزان وسكينة ووقار وعظمة وجلال , وهيبة وجمال وما أبدعه وما اجمله من أداء .... حقيقة غناءه في هذا الكار لهوب بعمري مما يسكن وحشي النفس , ويملؤها بالسكينة والأنس , ويهدئ الأعصاب , ويذهب الأوصاب , ويهنئ الكارع , ويشبع الدائع , ويغذي وينشي الروح ويشفيها من العذابات و الجروح ويرافقه على الناي العازف البارع الشهير آكا كوندوز كوتباي وبالرغم من الجهود المضنية التي ألقاها لتنفيذ هذا العمل وشرحه ... إلا أني أشعر بسعادة ومسرة لتقديمي علما وفنا نافعا لي ولطلاب العلم والفن .. والله الموفق لكل سداد وهو الهادي سبحانه لطرق الرشاد *********************** أخيرا أوصي طلاب العلم والفن واخواني من السميعة وذواقي الفن الرفيع : ألا يضجروا من سماع هذا الناطق ففعمه يحتاج لسماع تكراره عدة مرات , وأن يسمعه المرء بكل تأمل وإنصات , وتفكروتدبر وأن يعيش مع مسارات لحنه وبدائع صنعه .. فأنطق تسمع ناطق كار وليس مجرد موشح أو اغنية .. لذلك يحتاج هذا الناطق ولفهم جمله اللحنية ولتذوق ما ورد فيه من صةر وتغابير ولذيذ الإنتقالات والتحولات بين المقامات والإيقاعات إلى شيء من الصبر ففن الكارات هو خاص بأهل الفن والصنعة ولم يلحن للعوام وسائر عامة أهل الفن وعلى قولة البطش في مخطوطه : فتنبه لهذا ولا تكن من الغافلين *****************************
كنت قد رفعت في السابق ناطق الراست لحمامي زاده اسماعيل دده أفندي والذي اشتمل على 24 مقاما موسيقيا وعلى ايقاع واحد وهو ايقاع السنكين سماعي المرقم بمقياس 6 على 4 ولم يجمع في ناطق كاره بين المقامات والإيقاعات .. واليوم ارفع هنا كار ناطق الراست للملحن الموسيقي ( خطيب زاده عثمان افندي ) المتوفي سنة 1680 م وهذا الكار يضم 15 مقاما موسيقيا موجودة في داخله شعرا ولحنا ونظما وغناء .. إضافة ألى اشتماله على 15 ايقاع كبير وصغير , مستهلا بالايقاعات الكبيرة ومختتما بالايقاعا الصغيرة الرشيقة الحركة .. وبالنسبة لشعر الكارات وتلحين نظمها فهناك الرباعي والخماسي والسداسي ولكل واحد منهم له ترتيبه ونظامه التلحيني وفي ناطق كارنا لهذا اليوم - لخطيب زاده نجد أنه يذكر في كل شطرة من البيت الأول اسم مقام موسيقي وفي الشطرة الثانية تتمة البيت يذكر اسم إيقاع وهو قد تتبع هذا النظام والترتيب من أول ناطق الكار إلى أخره مثال البيت الاول : Râst geldim mürgzâr içre o şûh-ı dil keşe حيث عنون ناطق كاره الراست , فذكر في أول كلمة اسم المقام الذي سيعنون به ناطق الكار عند كلمة ( راست غالدم Râst geldim) ونلاحظ في الشطرة الثانية ذكر اسم الإيقاع الذي جرى عليه هذا الاستهلال وهو أيقاع الشنبر التركي 24\4 فقال : Bir usûl ile idüp der-Çenber itdim râm anı ( شنبر أتديم Çenber itdim ) ثم جاء إلى الشطرة الثالثة فذكر اسم مقام الرهاوي Bir Rehâvî nagme-i dil-sûza âgâz eyle kim وأتبعها في الشطرة الرابعة بإيقاع الدوري كبير 28\4 فقال Def gibi Devr-i Kebîr ile döne çarh-ı denî وطبعا عندما يذكر اسم المقام والايقاع في الشطرنين فيقول مقام رهاوي وايقاع الدور كبير فهذا يعني أن الشطرتين تعملان مقام الرهاوي موقع على إيقاع الدور كبير وكل باقي الاشطر تجري على نفس المتطلب وهو التحول للمقام المذكور وموقعا ومتزامنا مع الايقاع المذكور أيضا ... وهذه هي أبيات ناطق الراست للإمام خطيب زاده عثمان أفندي : وفي كل شطرة اسم مقام ويليه في الشطرة الثانية اسم الايقاع الذي يمضي عليه سير المقام وسوف أرفق مع ذلك صورة الأبيات وملون بالأحمر اسم المقام والايقاع المتغيران في كل شطرتين : ********************* Râst geldim mürgzâr içre o şûh-ı dil-keşe Bir usûl ile idüp der-Çenber itdim râm anı Bir Rehâvî nagme-i dil-sûza âgâz eyle kim Def gibi Devr-i Kebîr ile döne çarh-ı denî Nagme-i Nikrîz'den kaçmaz görüp cânâneyi Bir Hafîf âvâz ile çekdim usûle ten teni Ol Nihâvendî ‘Acem mahbûbına tenhâca dün Fârisî bilmez misin didim Berefşân dâmeni Bir Nühüftî nazar ile eyleyüp ‘Uşşâk'a nâz Çekdi Zincîr'e kemend-i kâküli ammâ beni Pençe-i dest-i muhannâsın Sabâ tahrîk idüp Açdı bir zîbâ Muhammesle o gül pîrâheni Nakş al mutrib Hüseynî'de kıl icrâ kârıñı Tek Düyek olsun usûli durma eglendir beni Halka-i tevhîdde itdi Hisârî dilleri Hây u hûy-ı Sûfyân-ı tekyegâh-ı Gülşenî Gabgab-ı dildârda bir Bûselik yer koymadı Pîç ü tâb-ı kâküli kıydı Firenkçîn gerdeni Gördi bir Kürdî çemende bâğbân itmiş kazâ Fâhte koynında serviñ girdi tutdı meskeni Tutdı dil semt-i beyâbân-ı Hicâz'ı ba’d-ez-în Kumda oynatsun Remel bahrinde seyrân ideni Ben Niyâz itdikçe ol Şehnâz'e başlarsa ne gam Tek sakîl-i bî-mürüvvet olmasun pîrâmeni Bî-karâr iken Nevâ-yı bülbül ile bâgda Eyledi âsûde bir Devr-i Revân cân u teni Rind olur cânâ ‘Irâkî'ler sakın basdırmasun Bezm-i nûş-â-nûş-ı meyde Nîm-devr ile seni Evc-gîr-i 'âlem-i şevk oldı Nevres nağmeler N'ola rûhânîlere itse Semâ’î reh-zenî ***************
أخيرا أوصي طلاب العلم والفن واخواني من السميعة وذواقي الفن الرفيع : ألا يضجروا من سماع هذا الناطق ففعمه يحتاج لسماع تكراره عدة مرات , وأن يسمعه المرء بكل تأمل وإنصات , وتفكروتدبر وأن يعيش مع مسارات لحنه وبدائع صنعه .. فأنطق تسمع ناطق كار وليس مجرد موشح أو اغنية .. لذلك يحتاج هذا الناطق ولفهم جمله اللحنية ولتذوق ما ورد فيه من صةر وتغابير ولذيذ الإنتقالات والتحولات بين المقامات والإيقاعات إلى شيء من الصبر ففن الكارات هو خاص بأهل الفن والصنعة ولم يلحن للعوام وسائر عامة أهل الفن وعلى قولة البطش في مخطوطه : فتنبه لهذا ولا تكن من الغافلين ولننتبه إلى الرقي في ضرب الإيقاعات مع الغناء في الفيديو حيث جاءت ظلا خفيفا ونسيما رقيقا هامسا خلف المغني حتى يسمع المرء هذه الألحان في الناطق بهدوء وسكينة وتامل ,, مو متل ضاربي الإيقاع اللي عنا بحلب والعياذ بالله نقارين طناجر بأقوى من سوق النحاسين لا ذوق ولا فهم ألا من رحم ربي ***************************** الكلمة المظللة باللون الأحمر ضمن الفيديو هي لاسم المقام والمظلة بالأصفر هي لاسم الإيقاع والمقامات ال15 عشر مع الإيقاعات ال15 عشر والواردة في ناطق الكار هذا هي كما يلي وضمن كل بيتين من الشعر : 1- مقام راست إيقاع شنبر تركي 24\4 2- مقام رهاوي على إيقاع الدور كبير 28\4 3- مقام نكريز على إيقاع الخفيف التركي 32\4 4- مقام النهاوند على إيقاع البرفشان تركي 32\4 5- مقام النُهُفت على إيقاع الزنجير وإيقاع الزنجير يتألف من 5 موازين إيقاعية مربوطة في داخله وهي بالترتيب التالي : إيقاع الجفتة دويك 16\ 4 إيقاع الفاخت التركي 20 \ 4 إيقاع الشنبر التركي 24 \ 4 إيقاع الدوري كبير 28 \4 إيقاع البرفشان التركي 32\4 ومجموعهم يساوي 120 زمن من علامة النُوار 6- مقام صبا على إيقاع المخمس تركي 32\4 7- مقام حسيني على إيقاع الدويك 4\4 8- مقام حصار على إيقاع الصوفيان 2\4 9- مقام بوسلك على إيقاع الفرنكجين 24\4 10 مقام كردي على إيقاع الفاخت 20\4 11 مقام بياتي على إيقاع الرمل التركي 56\4 12 مقام شهناز على إيقاع الثقيل التركي 48\4 13 مقام النوى على إيقاع الدور روان 14\8 14 مقام عراق على إيقاع النيم دور 18\4 15 مقام أوج على إيقاع اليوروك سماعي 6\8 وينتهي ناطق الكار معه ويذكرني هذا الناطق بروحانيته بأجواء زاوية الذكر - الزاوية الهلالية وروحانية منشدها شيخي الشيخ مسعود خياطة رضي الله عنه
*********************************
وإن شاء الله إن كان في العمر إنفساح فسوف ألحن ناطق كار يشمل جملة مقامات موسيقية المشهور منها والنادر وكل الأمور تجري بمقادير الهك
ناطق الكار في الموسيقى والتلحين : هو عبارة عن لحن غنائي من المستوى الرفيع ويستهل بمقام معين يشرع منه الملحن عمله ويختار الانطلاق من خلاله وبه يسمى الكار .. ثم يتابع مسيرته متنقلا من مقام إلى مقام وهو يتنقل ايضا بين الإيقاعات الموسيقية المختلفة وهو الاسم الذي يطلق على الأعمال التلحينية الغنائية الطويلة و التي تبدأ عمومًا بالترديد والترنمات والمثاني والامانات وتستخدم إيقاعات مختلفة وعادة ما يتم إجراؤها مباشرة بعد البيشرف.ز هذه التغييرات الأسلوبية تعطي العمل حيوية مختلفة. وبعد أداء كار، يتم يتم عادة تنفيذ نموذج البستة وهي تتألف من دور اول ودور ثاني ثم خانة وتسليم في داخل بعض .. وتشبه البستة تلحين الموشح العربي القديم عندنا
***************************
ويسمى ناطق الكار باسم المقام الذي استهل به الملحن ، وينتهون بالمقام الذي بدأ منه. ولكن لكل قاعدة استثناءات .. فهناك ناطق استهل مثلا بمقام الهزام وانتهي بعد جولته المقامية والايقاعية بمقام الراست , ولكن المشهور هو أن يختتم بعد جولته المقامية والايقاعية وبنفس المقام الذي ابتدأ به كار الناطق وتعني كلمة Nâtık المتحدث والدال والمخبر.
وكما ذكرت فقد ألّف قدامى الملحنينن نواطق الكارات من أجل تعليم الطلاب تدرج المقامات وطرق الانتقال فيها واستخدام الأساليب، والتمكن من ضرب الموازين والإيقاعات , والحيلولة دون نسيان المقامات والأساليب المعروفة في عصرهم أو جعلها غير صحيحة مع مرور الزمن؛ وهي أيضًا أعمال تثبت نضج الملحنين وقوتهم في الفن. ومن بين الخمسة عشر مقاماً أو نحو ذلك من المقامات التي تتوافر مقاماتها، تجدر الإشارة إلى ملحنين متأخرين حافظوا على استمرارية هذا القالب التلحيني العظيم ولحنوا منه ولم تنقطع سلسلة تلحين نواطق الكارات مثل الموسيقي الملحن شينوشان تانروغرور والذي لحن ناطق كار راست شمل 16 مقاما موسيقيا (توفي رحمه الله سنة ( 2000) وأحمد خطيب أوغلو أيضا , وكاني كراجا الضرير لحن ناطق كار من الصبا وكذلك الدكتور علاء الدين يواشجا والذي توفي منذ سنوات وهؤلاء الموسيقيون المتاخرون واصلوا هذا التقليد كي لا ينقطع وبوجد حتى الان ملحنون أقوياء جدا ما زالوا يلحنون نواطق الكارات حتى يومنا واذكر منهم الفنان النيازي أحمد شاهين وقد لحن كارا بديعا وعلى مقام نادر قام باختراعه وعلى ما أظن .. هو مقام الشوقي نيجار والذي لحن عليه كارا ناطقا وبشرفا وآيين شريف .. وناطقه هذا جاء في غاية الكمال والجمال , ومقام الشوقي نيجار هو عبارة عن جنس شوق أفزا في فرع المقام , وجنس سيكا العراق في جذع المقام وقلت أنه ربما يكون هو مبتكر هذا المقام , لأني بحثت عن أية عمل موسيقي أو تلحيني عليه فلم اجد في الليستات أي ذكر له سوى ما لحنه وأثبته الخوجة أحمد شاهين وهناك ملحنون آخرون بعيشون حتى اليوم لديهم كارات ملحنه لهم أما عندنا في حلب , فقديما كان هناك من يلحن ناطق الكارات على قلتها , ولكن كلها ماتت واندثرت بموت أصحابها ويا للأسف الشديد وهناك فرق بين الكار وناطق الكار فليتنبه لهذا والآن أتي إلى تعريف ناطق الكار , فاقول وبالله المستعان وعليه العمدة والتكلان
يبتدئ ناطق الراست هذا بمقام الراست وكما أسلفت وبعد جولاته المقامية والإيقاعية يختتم ناطق كاره بمقام الراست وينتهي معه المؤلف , وناطق الكار هو من أصعب التلاحين في الغناء الشرقي الكلاسيك وهو برأيي أصعب من تلحين البشرف والسماعي واللونغا والموشح والبستة والشرقي ,, فهو يحتاج لتزامنات عدة في اللحن مع المحافظة على الشعور والاحساس اللحني والقيود المقامية والإيقاعية ولذلك فهو يحتاج إلى ملحن قوي جدا ومخضرم مقاميا وإيقاعيا وتلحينيا . وليس أي ملحن يإمكانه تلحين ناطق كار وكلما اتسعت في الكار دائرة المقامات والإيقاعات فشملت أكبر عدد ممكن , كلما دل ذلك على قوة الملحن ومعرفته القوية بالتلحين وبالمقامات الموسيقية والموازين اللإيقاعية .. وكما يمكن أن يفهم من ذلك كله، إن ناطق الكار في إتيانه المقامات والأوزان من الصيغ التركيبية المهمة. وهي من هذه الناحية تشبه في ذلك صيغة ”فهرست المقامات والإيقاعات .. وهي صيغة مطلقة. ومن الواضح أن من يريد أن يتعلم ويحلل الموسيقا المقامية واجراءتها , ويتعلم اساليب الكار وناطقه .. لا بد له من معرفة واحدة أو أكثر من هذه المقامات. والإطلاع على هذه الكارات ويمكن القول إن العديد من المقامات الموسيقية النادرة وغيرها قد أُنقذت من النسيان بفضل هذه المؤلفات من ناطق الكارات في الفترات التي لم يكن فيها التدوين الموسيقي والنوطة شائعاً. ولذلك فقد حفظت هذه الكارات فهرست المقامات والايقاعات من الموت والفقد والإندثار وايضا كان تلحين الكارات هو نوع من التباهي وإظهار قدرات الملحن آنذاك ومعرفته الواسعة الدقيقة والعميقة بأسرار التلحين وبصناعة المقامات والإيقاعات .. وطبعا فالكارات الموجودة الملحنة ليست بنفس القوة التلحينية وبنفس البراعة والنفاسة والندرة , فهناك كارات خالدة تعبر عن الإعجاز البشري بالنسبة لقوة التلحين والصناعة , وهناك كارات دون هذا المستوى , وهذا التفاوت هو شيء طبيعي في عالم التأليف والصناعة . وإن تلحين مقام أو أكثر في كل بيت يتطلب القدرة على إظهار مسار مقام أو أكثر في كل بيت، والقدرة على الانتقال من مقام إلى آخر في وقت قصير وبأقصر الطرق. بالإضافة إلى ذلك، وبسبب تعاقب بعض المقامات التي يصعب الانتقال من مقام إلى آخرفيها ، فإن تأليف المقامات يتطلب إتقانًا حقيقيًا للموسيقى. ولذلك، لم يكتب كل الملحنين أعمالاً بهذا الشكل. اي لم يقتربوا من تلحين الكارات الموسيقية
******
ما هي أشكال الكارات ونواطقها ؟ قلنا أن ناطق الكار الغنائي الموسيقي هو عبارة عن لحن غنائي من المستوى الرفيع ويستهل بمقام معين يشرع منه الملحن عمله ويختار الانطلاق من خلاله وبه يسمى الكار .. ثم يتابع مسيرته متنقلا من مقام إلى مقام وهو يتنقل ايضا بين الإيقاعات الموسيقية المختلفة ... إذاً هو يجمع بين المقامات والإيقاعات في دفتيه ولكن دعونا نشرح طرق تلحين الكار مبتدئين من الأسهل للأصعب ومن البسيط للمعقد ومن السهل للأشد تعقيدا ولأكثر فنا وهندسة وابداعا النوع الأول : هو كار يستخدم إيقاعا واحد فقط مع تنقله بين مقامات موسيقية قليلة العدد , وهو اسهل نوع من أنواع تلحين الكارات النوع الثاني : كار يستخدم ايقاعات مختلفة مع تغير بسيط للمقامات النوع الثالث : كار يستخدم إيقاعا واحدا مع مقامات موسيقية كثيرة جدا وقد تصل الى 40 مقاما أو أكثر أو أقل النوع الرابع : كار يشتمل على موازين إيقاعية كبيرة وكثيرة وأيضا على مقامات موسيقية كثيرة وصعبة النوع الخامس : كار يشتمل على موازين أيقاعية كبيرة وكثيرة و على مقامات موسيقية عديدة وكثيرة ايضا ويزيد عما قبله أن الملحن فيه يراعي تلك الانتقالات وتوافقها مع لفظها في الكلام الشعري الملحن .. وهو أصعب الأنواع جميعها إذ يجب على الملحن أن ينجح في تحقيق ثلاث موازانات وهو مقيد بايقاع مخصوص ومقام مخصوص له ضوابطه وشروط سلمه وأجناسه وأن يحكمه مع ذكره حينما يأتي عليه اللفظ .. بمعنى أن الشعر حينما تأتي فيه كلمة ( العراق ) فعليه أن يأتي بمقام العراق مع وزن ايقاعي مخصوص ومختلف عما قبله وحينما يأتي في الكلام لفظة ( نيشابورك ) فعليه أن يأتي بمقام النيشابورك مع ايقاع مختلف عما قبله .. ويسير هكذا حتى يأتي في ضمن اللحن ربما بمئة مقام مع مئة ايقاع ويوجد أمثلة من الكارات على كل هذه التصنيفات الخمسة والتي ذكرتها وناطق كارنا الراست هذا وهو لخطيب زاده عثمان افندي هو من النوع الخامس والذي يشمل ايقاعات كبيرة كثيرة مع مقامات موسيقية كثيرة ( 15 مقام موسيقي مع 15 ميزان إيقاعي ) وهناك كار ناطق الصبا وهو لذكائي دده وفيه مقامات موسيقية كثيرة وسأرفعه ايضا تباعا مع شرحه وهناك كار راست ناطق للملحن أحمد عوني كونوك بك وفيه 119 مقاما موسيقيا وهو موجود بنوطه وتسجيلاته وسأرفعه لاحقا وهناك كارات أخرى كثيرة ككار للمعلم اسماعيل حقي بك وللقانوني حاجي عارف بك وللطنبوري رفيق فيرسان وأخرين .. وهناك منظومة شعرية تركية قديمة مطولة ذكرت في شعرها 376 مقاما موسيقيا مثبتا وقد قرأتها وفيها مقامات كثيرة لا أعرفها ولا أعرف اسرار تركيباتها ولا اعلم إن كانت ملحنة من الموسيقيين العثمانيين او الفارسيين القدماء أم لا لكنها منظومة تشبه منظومات امهات المتون والعلوم
****************
بالنسبة لغناء ناطق الراست هذا فقد غناه أكثر من فنان , ولكني آثرت رفعه بصوت المرحوم الفنان والملحن وضارب الإيقاع الضرير الكفيف ( كاني كراجا) وهو فنان مهم جدا على صعيد الغناء ولتوثيق القديم العويص والصعب من الألحان والبستات ونواطق الكارات وعتاول الشرقيات .. والعجيب الغريب أنه كيف استطاع حفظ ناطق الكار هذا وغيره وهو ضرير لا يقرا ولا يكتب نوطة ؟! والمعروف أنه ومثل هذه الاعمال والتلاحين الطويلة الصعبة والتي تتمن تحولات مقامية وضرب لموازين ايقاعية ضخمة وكبيرة .. يصعب جدا حفظها من غير نوطة موسيقية , ولكن سبحان الحليم الوهاب ويمتاز صوت كاني كراجا بالجهورية والصفاء , وثبات التون فيه , والتمكن الشديد من أداء اصعب الجمل اللحنية والموسيقية ... ويغني بعض البستات الطويلة كمربع البياتي الشعير والذي يضم 13 مقاما و11 إيقاعا وبحسب ما أذكر وكأن بحنجرته نستقر بضعة آلات موسيقية حقيقية , فهو ذو أداء صوتي متميز لا يشبهه بهذا أحد .. يؤدي المرحوم كاني كراجا هذا الناطق وبأرقى أداء , وبغناء كله هدوء واتزان وسكينة ووقار وعظمة وجلال , وهيبة وجمال وما أبدعه وما اجمله من أداء .... حقيقة غناءه في هذا الكار لهوب بعمري مما يسكن وحشي النفس , ويملؤها بالسكينة والأنس , ويهدئ الأعصاب , ويذهب الأوصاب , ويهنئ الكارع , ويشبع الدائع , ويغذي وينشي الروح ويشفيها من العذابات و الجروح ويرافقه على الناي العازف البارع الشهير آكا كوندوز كوتباي وبالرغم من الجهود المضنية التي ألقاها لتنفيذ هذا العمل وشرحه ... إلا أني أشعر بسعادة ومسرة لتقديمي علما وفنا نافعا لي ولطلاب العلم والفن .. والله الموفق لكل سداد وهو الهادي سبحانه لطرق الرشاد *********************** أخيرا أوصي طلاب العلم والفن واخواني من السميعة وذواقي الفن الرفيع : ألا يضجروا من سماع هذا الناطق ففعمه يحتاج لسماع تكراره عدة مرات , وأن يسمعه المرء بكل تأمل وإنصات , وتفكروتدبر وأن يعيش مع مسارات لحنه وبدائع صنعه .. فأنطق تسمع ناطق كار وليس مجرد موشح أو اغنية .. لذلك يحتاج هذا الناطق ولفهم جمله اللحنية ولتذوق ما ورد فيه من صةر وتغابير ولذيذ الإنتقالات والتحولات بين المقامات والإيقاعات إلى شيء من الصبر ففن الكارات هو خاص بأهل الفن والصنعة ولم يلحن للعوام وسائر عامة أهل الفن وعلى قولة البطش في مخطوطه : فتنبه لهذا ولا تكن من الغافلين *****************************