سورة حم المؤمن "غافر" للشيخ محمود خليل الحصرى برواية الدوري عن أبي عمرو

Поделиться
HTML-код
  • Опубликовано: 10 сен 2024
  • السور المفتتحة بكلمة {حم} سبع سور، مرتبة في المصحف على ترتيبها في النزول، وهي: (غافر، فصلت، الشورى، الزخرف، الدخان، الجاثية، الأحقاف) ويدعى مجموعها (آل حم) جعلوا لها اسم (آل) لتآخيها في فواتحها. فكأنها أسرة واحدة، وكلمة (آل) تضاف إلى ذي شرف.
    وردت تسمية هذه السورة في السنة (حم المؤمن) كما في حديث الترمذي الآتي. وبذلك اشتهرت في مصاحف المشرق، وبهذا الاسم ترجمها البخاري في "صحيحه" والترمذي في "جامعه". ووجه التسمية أنها ذُكرت فيها قصة مؤمن آل فرعون، ولم تذكر في سورة أخرى بوجه صريح.
    وتسمى سورة {غافر} لذكر وصفه تعالى: {غافر الذنب} (غافر:3) في أولها. وبهذا الاسم اشتهرت في مصاحف المغرب.
    وتسمى أيضاً سورة (الطَّوْل) لقوله تعالى في أولها: {ذي الطول} (غافر:3) وقد تنوسي هذا الاسم.
    مقاصد السورة
    مقصود السورة إجمالاً معالجة قضية الحق والباطل، وقضية الإيمان والكفر، وقضية الدعوة والتكذيب، وأخيراً قضية العلو في الأرض والتجبر بغير الحق، وبأس الله الذي يأخذ العالين المتجبرين. وفي أثناء هذه القضية تلم السورة بموقف المؤمنين المهتدين الطائعين، ونصر الله إياهم، واستغفار الملائكة لهم، واستجابة الله لدعائهم، وما ينتظرهم في الآخرة من نعيم مقيم.
    وتفصيل هذه المقاصد التي اشتملت عليها هذه السورة جاءت وفق التالي:
    - ابتدأت السورة بما يقتضي تحدي المعاندين في صدق القرآن، كما اقتضاه الحرفان المقطعان في فاتحتها {حم} وأُجري على اسم الله تعالى من صفاته ما فيه تعريض بدعوتهم إلى الإقلاع عما هم فيه، فكانت فاتحة السورة مثل ديباجة الخطبة، مشيرة إلى الغرض من تنزيلها.
    - حملة العرش ومن حوله يعلنون إيمانهم بربهم، ويتوجهون إليه بالعبادة، ويستغفرون للذين آمنوا من أهل الأرض، ويدعون لهم بالمغفرة والنعيم والفلاح.
    - بيان أن دلائل تنزيل هذا الكتاب من الله بينة، لا يجحدها إلا الكافرون من الاعتراف بها حسداً، وأن جدالهم تشغيب وتعنت، لا طائل من ورائه. وقد تكرر ذكر المجادلين في آيات الله خمس مرات في هذه السورة.
    - تمثيل حال المجادلين بحال الأمم التي كذبت رسل الله بذكرهم إجمالاً، ثم التنبيه على آثار استئصالهم، وضرب المثل بقوم فرعون.
    - تقرير أن الذين يجادلون في آيات الله بغير حجة ولا برهان، إنما يدفعهم إلى هذا كِبْرٌ في نفوسهم عن الحق، وهم أصغر وأضأل من هذا الكبر. ويوجه القلوب إلى هذا الوجود الكبير الذي خلقه الله، وهو أكبر من الناس جميعاً، لعل المتكبرين يتصاغرون أمام عظمة خلق الله، وتتفتح بصيرتهم، فلا يكونون عمياً.
    - بيان أن الوجود كله مُسْلِمٌ مستسلم لله، وأنه لا يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا، فيشذون عن سائر الوجود بهذا الجدال.
    - التذكير بمجيء الساعة، والتوجيه إلى دعاء الله، الذي يستجيب لدعاء من دعاه؛ فأما الذين يستكبرون، فسيدخلون جهنم أذلاء صغراء، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبرأ من عبادة المستكبرين، ويعلن نهي ربه له عن آلهتهم، وأمره له بالإسلام ولاستسلام لرب العالمين.
    - عرض مشهد الكافرين يوم القيامة، وهم ينادون من أرجاء الوجود المؤمن المسلم المستسلم، وهم في موقف الذلة والانكسار بعد التكبر والاستكبار، يقرون بذنبهم، ويعترفون بربهم، فلا ينفعهم الاعتراف والإقرار، إنما يُذَكَّرون بما كان منهم من شرك واستكبار.
    - عرض جانب من قصة موسى عليه السلام مع فرعون وهامان وقارون، تمثل موقف الطغيان من دعوة الحق. فيها ظهور رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه، يدفع عن موسى ما هموا بقتله، ويصدع بكلمة الحق والإيمان في تلطف وحذر في أول الأمر، ثم في صراحة ووضوح في نهايته. يعرض في جدله مع فرعون حجج الحق وبراهينه قوية ناصعة، ويحذرهم يوم القيامة، ويمثل لهم بعض مشاهده في أسلوب مؤثر، ويذكرهم موقفهم وموقف الأجيال قبلهم من يوسف عليه السلام ورسالته.
    - حوار بين الضعفاء والذين استكبروا، وحوار لهم جميعاً مع خزنة جهنم، يطلبون فيه الخلاص. ولات حين خلاص! وفي ظل هذا المشهد يوجه الله رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الصبر والثقة بوعد الله الحق، والتوجه إلى ربه بالتسبيح والحمد والاستغفار.

Комментарии •