" اللهم إني أسألك في هذة الجمعة رحمة من عندك تهدي بها قلوبنا وتُزكي بها أعمالنا وتُلهمنا بها رشدنا وتصلح بها أحوالنا ... كل جمعة وأنتم إلى الله عزعلاه أقرب "
عرض الأمانة وتصدِّي الإنسان في عالم الأزل لحملها لا بدَّ لنا لفهم المراد من كلمة (الأمانة) من أن نقدِّم مثالاً فنقول: لو أنِّي كنت أملك متاعاً من الأمتعة وأودعته صديقاً لي شريطة أن أسترده منه بعد حين، فهذا المتاع الذي هو ملكي ما دام عند صديقي فهو أمانة في يده. وكذلك المخلوقات إرادتها في الأصل مُلك لخالقها ومُوجدها وهي مرهونة لأمره تعالى فلا تملك إرادة ولا اختياراً. وقد أراد تعالى كما قدَّمنا آنفاً أن يعطي الأنفس أكبر عطاء فبيَّن الوسيلة التي تصل بها إلى نيل هذا العطاء وذلك بأن عرض عليها أن يجعل إرادتها التي هي مُلكه تعالى أمانة بين يديها وأن يجعلها حرّةً في اختيارها السير إلى أعمالها المتولِّدة عن شهواتها. إنَّ إعطاء هذه الإرادة والحرية في الاختيار هي ما نقصده بكلمة (الأمانة) التي مرَّت بنا في هذا العنوان. نعم لقد عرض تعالى الأمانة في عالم الأزل على الأنفس جميعها بلا استثناء ثمَّ بيَّن لها أن حمل الأمانة، وإن شئت فقل حرية الاختيار في السير إلى الأعمال، أمر ذو خطر عظيم. فإذا كان المخلوق يستطيع بهذه الوسيلة أن يرقى بعمله ويصل إلى مرتبةٍ دونها سائر المخلوقات فهو إلى جانب ذلك قد يهوي به عمله إلى درجة لا يمكن أن ينحط إليها أحد من العالمين. ولذلك ورحمة من الله تعالى بمخلوقاته بيَّن لها أنَّها إذا هي رضيت بحمل الأمانة وخرجت إلى الدنيا فسيرسل لها كتاباً يكون نبراساً ومرجعاً لها في أعمالها، فإذا هي استنارت بنوره تعالى لدى مباشرتها العمل المتولد عن الشهوة واستهدت به سبحانه واستلهمته الرُشد في سيرها فسيكون صراطها مستقيماً وسيرها مأموناً، وعملها متطابقاً مع طريق الحق الذي يبيِّنه كتابه تعالى وبذلك تُعصم من الزلل وتُحفظ من الوقوع في الأذى والضرر ويكون عملها سبباً في رُقيّها وتساميها فإذا هي جاءته تعالى بعد موتها كان لها من أعمالها العالية الإنسانية سند تعتمد عليه في وجهتها، ومتكأ تتكىء عليه في إقبالها على ربِّها وهنالك تفوز بالقرب من جنابه الكريم وترقى رقيّاً أبديّاً متتالياً في جنَّات النعيم. أمَّا إذا هي حملت الأمانة ثم جاءت إلى الدنيا ولم تستنر بنوره تعالى ولم تستهد بهداه لدى سيرها إلى أعمالها فلا شك أنَّها ستخطئ طريق الحق الذي يصل بها إلى السعادة وستكون أعمالها كلّها أذى وإضراراً بالخلق فإذا هي جاءت خالقها بعد خروجها من الدنيا فعندئذٍ تقف بين يديه خجلى من أعمالها، ذليلة بما تحمله بين يديها من لؤمها ودناءتها وإنه ليحجبها عملها الدنيء عن الإقبال عليه تعالى فتغضي منه حياءً وخجلاً ولا تستطيع أن تقبل عليه بوجهها، ثمَّ أنها لتتذكَّر ما شهدته في عالم الأزل وتنظر إلى تفريطها في جنب الله وخسرانها ذلك الكنز العالي فتحرقها الحسرة حرقاً لاذعاً مؤلماً فلا تجد لها مأوى إلاَّ جهنم فترتمي بها لتغيب بألم النار وعذاب الحريق عن ألمها وعذابها النفسي الشديد. وفي الحديث الشريف: «إنَّ العارَ ليلزمُ المرءَ يوم القيامةِ حَتى يقولَ: يا ربِّ لإرسالُكَ بي إلى النار أيسرُ عليَّ مما ألقى، وإنه ليعلمُ ما فيها من شِدَّةِ العذاب..»5. ذلك كله بيَّنه تعالى للأنفس يوم عرض عليها الأمانة فعرفته وعقلته، رأت ما وراء حمل الأمانة من الخيرات وما في خيانة الأمانة وما وراء التفريط من الحسرات. وهنالك وفي هذه اللحظة التي تجلَّى فيها الفضل الإلهي وتبدَّت العدالة الإلهية لسائر المخلوقات، أقول: في هذه اللحظة الحاسمة تقهقرت جميع المخلوقات ورهبت من التقدم لهذا الامتحان لما قد يتبعه من الفشل والشقاء وإن كان وراءه من السعادة والخيرات. نعم إنَّ الأنفس كلها أبت حمل الأمانة وأشفقت منها ولم يتقدم لحملها إلاَّ فئة واحدة غامرت مغامرة عظيمة، وعاهدت ربها على ألاَّ تنقطع عنه لحظة واحدة وهناك قَبِلَ ربها عهدها وميثاقها وأكبر مغامرتها ووعدها بجنة الخُلد إن هي وفَّت بعهدها. وإلى ذلك العرض وذاك العهد يُشير القرآن الكريم في قوله تعالى: {يَا أيُّها الذينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ الله وقُولُوا قَولاً سَديداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أعْمَالكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطعِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوزاً عَظِيماً * إِنَّا عَرَضْنا الأمَانة عَلَى السَّمواتِ وَالأرضِ والجِبَالِ فَأبَيْنَ أنْ يَحمِلْنها وَ أشْفقنَ مِنها وَحملَها الإنسان إِنهُ كَانَ ظَلوماً جَهُولاً}6. وينطوي تحت كلمة {السَّمواتِ وَالأرضِ والجِبَالِ} ما فيهن من أنفس وما اشتملت عليه من مخلوقات. وتشمل كلمة {الإِنسَانُ} بحسب ما يُشير إليه القرآن الكريم في مواضع أخرى على أفراد النوع الإنساني والجان. أمَّا كلمة {إِنهُ كَانَ ظَلوماً جَهُولاً} فهي لا تعني إثبات الظلم والجهل للإنسان إنَّما هي كلمة مدح وإكبار، وقد جاءت في صيغة الاستفهام الاستنكاري محذوفة أداته زيادة في تقرير المعنى المُراد. إنَّها تقول: أكان الإنسان ظالماً لنفسه بعهده هذا؟. وهل كان جاهلاً ما وراء حمل الأمانة من الخيرات، أم أنه عرف ما وراء ذلك من سعادة لا تتناهى فتقدَّم وغامر وكان بذلك أكرم المخلوقات، ذلك كان موقفك أيُّها الإنسان في ذلك اليوم العظيم وتلك هي منزلتك بين سائر العالمين. لقد رضيت بالخروج إلى الدنيا دار العمل لتعمل صالحاً، وطلبت الشهوة لا لذاتها وما فيها من متعة بل لتكون دافعاً لك إلى الأعمال وغامرت إلى جانب ذلك كله في حمل الأمانة ليكون لأعمالك في نظرك شأن وقيمة عالية فرضيت بأن تكون حراً في اختيارك وأن تعطى إرادتك فينفِّذ لك ربُّك ما تريد ويهبك القوة على القيام به ثمَّ عاهدت ربَّك على أن تظل مستنيراً دوماً بنوره لتكون إرادتك متوافقة مع ما شرعه في كتابه ولئلا تزلَّ بك القدم أثناء اختيارك، نعم لقد طلبت ذلك كله لتكون أحظى المخلوقات بمعرفته تعالى وأوفرهم حظاً بمشاهدة جمال هذا الكنز العظيم والنظر إلى وجه ربك الكريم. الملخَّص: سأل الله تعالى الخلق: ألست بربكم؟. انقسموا إلى أربعة أقسام بالمنازل والدرجات: 1ـ فأناس نالوا الشهادة: وهم الرسل والأنبياء وسيد الخلق صلى الله عليه وسلم نال أعلى درجة. 2ـ من بعدهم المؤمنون: وهم أقل درجةً «إنَّما بُعثت لأتمِمَ مكارمَ الأخلاق»7. 3ـ في الدنيا يسمو بصاحب القابلية، والعمر حتى إذا اجتهد ينال. فهنالك الراسبون إن نظروا وفكَّروا بهذا الكون وبالبداية والنهاية لهذا الخلق ينجحون، بل وينافسون السابقين. هؤلاء ينفعهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّما بُعثت معلِّماً» أي معلِّماً للإيمان وطريق الإيمان بالله. 4ـ الذي لا جدوى له: جعل الله تعالى عمره قصيراً، دون البلوغ يموت قال تعالى: {..وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ..}.،.
كميه السعادة والفرحه فى المقطع بتاعك بالتوفيق للنجاح يارب العالمين 🌹🌹🌹🌹💕💕💕💞💞💜💜💜💚💚💚💚💙💙💙💖💖💖❤️❤️❤️❤️
صلوا على النبي محمد صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا\\\\\
مناظر جميلة وممتعة للغاية ماشاء الله عليك
ماشاء الله اللهم بارك
سبحان الله العظيم 👍🌹
حسبي ربي جل الله مافي قلبي غير الله نور محمد (عليه السلام)👍👍👍👍
التين جميل جدا ماشاء الله تبارك الله اللهم زيد وبارك
بسم الله ماشاء الله تبارك الله الله الله
اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد مشاء الله تبارك الرحمن شجرة التين جميله جميله
ماشاء الله تبارك الله
وعلیکم سلام ورحمۃ اللہ وبرکاتہ
ماشاءاللہ بہت پیاری ویڈیو
معلومات مفيده جدا عن التين وكيفية العناية بشجر التين شكرا لكي
ماشاء الله المناظر رائع الله يعطيك الصحه والعافيه يا اختي
بسم الله ماشاءالله اللهم زد وبارك
ياسلام على مناظر جميلة شكرا ليك على مشاركة جميلة تحياتي
ما شاء الله المنظر جميل جدا اللهم بارك 👍👍
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلي اله وصحبه وسلم برافوووووو
ر ربي يوفقك ويسعدك في حياتك حبيبتي الغاليه الغاليه الغاليه الغاليه الغاليه
ما شاء الله ربنا يبارك ويزيد ربنا يوفقك
شكرا على لك على معلومات ونصاىٔح
جمعه مباركه عليكم
تبارك الله عليك
ماشاء الله بالتوفيق والنجاح واحلى لايك
التين يشرح القلب يا قلبي ما شاء الله
Your videos are so good, interesting and interesting. Thank you. Wishing you good health, success and happiness)👍🤗🥰🌹
اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد جزاك الله خير فعلا كلامك صح ربنا يسعدك ويوفقك
ماشاء الله ربنا يبارك
ماشاء الله ربي يسعدكم ويحفظكم ويزيدكم من فضله وجوده وكرمه
Very nice sharing 🌼
بسم الله ما شاء الله ربنا يبارك يا رب
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين اللهم زد وبارك بالتوفيق
Masha Allah
تم بصدق احسنتم النشر بارك الله فيك وجزاك الله خيرا والنعم كفو والله 🔔👉👍👍
Success 👍🏆
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين تسلم ايدك يا اختي الغاليه يدوم المحبه
بالتوفيق ان شاء الله
جمعة مباركة عليكم 🔔✅👍♥🌷
👍🏼👍🏼👍🏼⚘⚘🙏🏻🙏🏻🙏🏻
" اللهم إني أسألك في هذة الجمعة رحمة من عندك تهدي بها قلوبنا وتُزكي بها أعمالنا وتُلهمنا بها رشدنا وتصلح بها أحوالنا ... كل جمعة وأنتم إلى الله عزعلاه أقرب "
So nice 👍
عرض الأمانة وتصدِّي الإنسان في عالم الأزل لحملها
لا بدَّ لنا لفهم المراد من كلمة (الأمانة) من أن نقدِّم مثالاً فنقول:
لو أنِّي كنت أملك متاعاً من الأمتعة وأودعته صديقاً لي شريطة أن أسترده منه بعد حين، فهذا المتاع الذي هو ملكي ما دام عند صديقي فهو أمانة في يده.
وكذلك المخلوقات إرادتها في الأصل مُلك لخالقها ومُوجدها وهي مرهونة لأمره تعالى فلا تملك إرادة ولا اختياراً. وقد أراد تعالى كما قدَّمنا آنفاً أن يعطي الأنفس أكبر عطاء فبيَّن الوسيلة التي تصل بها إلى نيل هذا العطاء وذلك بأن عرض عليها أن يجعل إرادتها التي هي مُلكه تعالى أمانة بين يديها وأن يجعلها حرّةً في اختيارها السير إلى أعمالها المتولِّدة عن شهواتها.
إنَّ إعطاء هذه الإرادة والحرية في الاختيار هي ما نقصده بكلمة (الأمانة) التي مرَّت بنا في هذا العنوان.
نعم لقد عرض تعالى الأمانة في عالم الأزل على الأنفس جميعها بلا استثناء ثمَّ بيَّن لها أن حمل الأمانة، وإن شئت فقل حرية الاختيار في السير إلى الأعمال، أمر ذو خطر عظيم. فإذا كان المخلوق يستطيع بهذه الوسيلة أن يرقى بعمله ويصل إلى مرتبةٍ دونها سائر المخلوقات فهو إلى جانب ذلك قد يهوي به عمله إلى درجة لا يمكن أن ينحط إليها أحد من العالمين. ولذلك ورحمة من الله تعالى بمخلوقاته بيَّن لها أنَّها إذا هي رضيت بحمل الأمانة وخرجت إلى الدنيا فسيرسل لها كتاباً يكون نبراساً ومرجعاً لها في أعمالها، فإذا هي استنارت بنوره تعالى لدى مباشرتها العمل المتولد عن الشهوة واستهدت به سبحانه واستلهمته الرُشد في سيرها فسيكون صراطها مستقيماً وسيرها مأموناً، وعملها متطابقاً مع طريق الحق الذي يبيِّنه كتابه تعالى وبذلك تُعصم من الزلل وتُحفظ من الوقوع في الأذى والضرر ويكون عملها سبباً في رُقيّها وتساميها فإذا هي جاءته تعالى بعد موتها كان لها من أعمالها العالية الإنسانية سند تعتمد عليه في وجهتها، ومتكأ تتكىء عليه في إقبالها على ربِّها وهنالك تفوز بالقرب من جنابه الكريم وترقى رقيّاً أبديّاً متتالياً في جنَّات النعيم.
أمَّا إذا هي حملت الأمانة ثم جاءت إلى الدنيا ولم تستنر بنوره تعالى ولم تستهد بهداه لدى سيرها إلى أعمالها فلا شك أنَّها ستخطئ طريق الحق الذي يصل بها إلى السعادة وستكون أعمالها كلّها أذى وإضراراً بالخلق فإذا هي جاءت خالقها بعد خروجها من الدنيا فعندئذٍ تقف بين يديه خجلى من أعمالها، ذليلة بما تحمله بين يديها من لؤمها ودناءتها وإنه ليحجبها عملها الدنيء عن الإقبال عليه تعالى فتغضي منه حياءً وخجلاً ولا تستطيع أن تقبل عليه بوجهها، ثمَّ أنها لتتذكَّر ما شهدته في عالم الأزل وتنظر إلى تفريطها في جنب الله وخسرانها ذلك الكنز العالي فتحرقها الحسرة حرقاً لاذعاً مؤلماً فلا تجد لها مأوى إلاَّ جهنم فترتمي بها لتغيب بألم النار وعذاب الحريق عن ألمها وعذابها النفسي الشديد.
وفي الحديث الشريف: «إنَّ العارَ ليلزمُ المرءَ يوم القيامةِ حَتى يقولَ: يا ربِّ لإرسالُكَ بي إلى النار أيسرُ عليَّ مما ألقى، وإنه ليعلمُ ما فيها من شِدَّةِ العذاب..»5.
ذلك كله بيَّنه تعالى للأنفس يوم عرض عليها الأمانة فعرفته وعقلته، رأت ما وراء حمل الأمانة من الخيرات وما في خيانة الأمانة وما وراء التفريط من الحسرات.
وهنالك وفي هذه اللحظة التي تجلَّى فيها الفضل الإلهي وتبدَّت العدالة الإلهية لسائر المخلوقات، أقول: في هذه اللحظة الحاسمة تقهقرت جميع المخلوقات ورهبت من التقدم لهذا الامتحان لما قد يتبعه من الفشل والشقاء وإن كان وراءه من السعادة والخيرات.
نعم إنَّ الأنفس كلها أبت حمل الأمانة وأشفقت منها ولم يتقدم لحملها إلاَّ فئة واحدة غامرت مغامرة عظيمة، وعاهدت ربها على ألاَّ تنقطع عنه لحظة واحدة وهناك قَبِلَ ربها عهدها وميثاقها وأكبر مغامرتها ووعدها بجنة الخُلد إن هي وفَّت بعهدها. وإلى ذلك العرض وذاك العهد يُشير القرآن الكريم في قوله تعالى: {يَا أيُّها الذينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ الله وقُولُوا قَولاً سَديداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أعْمَالكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطعِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوزاً عَظِيماً * إِنَّا عَرَضْنا الأمَانة عَلَى السَّمواتِ وَالأرضِ والجِبَالِ فَأبَيْنَ أنْ يَحمِلْنها وَ أشْفقنَ مِنها وَحملَها الإنسان إِنهُ كَانَ ظَلوماً جَهُولاً}6.
وينطوي تحت كلمة {السَّمواتِ وَالأرضِ والجِبَالِ} ما فيهن من أنفس وما اشتملت عليه من مخلوقات. وتشمل كلمة {الإِنسَانُ} بحسب ما يُشير إليه القرآن الكريم في مواضع أخرى على أفراد النوع الإنساني والجان. أمَّا كلمة {إِنهُ كَانَ ظَلوماً جَهُولاً} فهي لا تعني إثبات الظلم والجهل للإنسان إنَّما هي كلمة مدح وإكبار، وقد جاءت في صيغة الاستفهام الاستنكاري محذوفة أداته زيادة في تقرير المعنى المُراد. إنَّها تقول:
أكان الإنسان ظالماً لنفسه بعهده هذا؟. وهل كان جاهلاً ما وراء حمل الأمانة من الخيرات، أم أنه عرف ما وراء ذلك من سعادة لا تتناهى فتقدَّم وغامر وكان بذلك أكرم المخلوقات، ذلك كان موقفك أيُّها الإنسان في ذلك اليوم العظيم وتلك هي منزلتك بين سائر العالمين.
لقد رضيت بالخروج إلى الدنيا دار العمل لتعمل صالحاً، وطلبت الشهوة لا لذاتها وما فيها من متعة بل لتكون دافعاً لك إلى الأعمال وغامرت إلى جانب ذلك كله في حمل الأمانة ليكون لأعمالك في نظرك شأن وقيمة عالية فرضيت بأن تكون حراً في اختيارك وأن تعطى إرادتك فينفِّذ لك ربُّك ما تريد ويهبك القوة على القيام به ثمَّ عاهدت ربَّك على أن تظل مستنيراً دوماً بنوره لتكون إرادتك متوافقة مع ما شرعه في كتابه ولئلا تزلَّ بك القدم أثناء اختيارك، نعم لقد طلبت ذلك كله لتكون أحظى المخلوقات بمعرفته تعالى وأوفرهم حظاً بمشاهدة جمال هذا الكنز العظيم والنظر إلى وجه ربك الكريم.
الملخَّص: سأل الله تعالى الخلق: ألست بربكم؟.
انقسموا إلى أربعة أقسام بالمنازل والدرجات:
1ـ فأناس نالوا الشهادة: وهم الرسل والأنبياء وسيد الخلق صلى الله عليه وسلم نال أعلى درجة.
2ـ من بعدهم المؤمنون: وهم أقل درجةً «إنَّما بُعثت لأتمِمَ مكارمَ الأخلاق»7.
3ـ في الدنيا يسمو بصاحب القابلية، والعمر حتى إذا اجتهد ينال. فهنالك الراسبون إن نظروا وفكَّروا بهذا الكون وبالبداية والنهاية لهذا الخلق ينجحون، بل وينافسون السابقين.
هؤلاء ينفعهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّما بُعثت معلِّماً» أي معلِّماً للإيمان وطريق الإيمان بالله.
4ـ الذي لا جدوى له: جعل الله تعالى عمره قصيراً، دون البلوغ يموت قال تعالى: {..وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ..}.،.
بالتوفيق ان شاء الله