أغنية "راحلة" لمحمد الحياني، كلمات الشاعر المغربي عبد الرفيع الجوهري وألحان عبد السلام عامر (1970)

Поделиться
HTML-код
  • Опубликовано: 25 авг 2024
  • مَن منَ المغاربة لا يتذكر «راحلة»؟ من منهم من لم يفتته الشجن المنبعث من صوت الراحل محمد الحياني أو الإيقاع الشجي المتدفق من موسيقاها؟ من منهم من لم تصبه كلماتها بحزن شفيف فتسكنه في غيمة بعيدة؟ بعد أربعين سنة ما تزال «راحلة» تطرب، تشجي، تصيب بالدوار، والسبب بسيط للغاية: إنها التركيبة السحرية التي جمعت كلا من الشاعر عبد الرفيع الجواهري والملحن عبد السلام عامر والمطرب محمد الحياني.
    ثالوث منح الأغنية سحرها الخاص. في بوح خاص مع المساء يستعيد الشاعر عبد الرفيع الجواهري بعضا من هذا السحر:
    «يشكل الرحيل بالنسبة إلي انشغالا شعريا طيلة أربعة عقود، سواء على مستوى النصوص الغنائية أو على مستوى النصوص الأخرى المنشورة في ديواني الأول «وشم في الكف» أو في ديواني الثاني «شيء كالظل».
    ولذلك فإن قصيدة «راحلة» من ألحان الفنان الراحل عبد السلام عامر وغناء الراحل محمد الحياني، لا تخرج عن سياق الرحيل، سواء بالمعنى المادي أو الرمزي.
    عمر «راحلة» يقارب الخمسين عاما، وقد تم نشرها في أحد الأعداد الأولى لمجلة «آفاق» التي يصدرها اتحاد كتاب المغرب، وكان رئيس الاتحاد آنذاك هو الدكتور محمد عزيز الحبابي رحمه الله، لكنني أدخلت بعض «الرتوشات» على النص المنشور عندما قررت إسناد تلحينه إلى صديقي عبد السلام عامر رحمه الله.
    يقول الشاعر عبد الرفيع الجواهري: كان من المقرر أن يغني «راحلة» المطرب عبد الهادي بلخياط لكنه بعد أن تمرن على أدائها وأصبحت جاهزة للتسجيل، حدث طارئ عكر صفو العلاقة بين الملحن عامر والمطرب بلخياط، فسحب منه الأغنية، رغم أنه سبق أن غناها على العود وبثها التلفزيون المغربي آنذاك وكانت بالأبيض والأسود،
    بعد سحب الأغنية من بلخياط، لم أستسغ ذلك وحاولت إعادة الأمور إلى نصابها، لكنني لم أفلح في ذلك، حينها أخبرني عامر أن المطرب إسماعيل أحمد هو الذي سيغني «راحلة»، فاعترضت بشدة على ذلك، هذا الاعتراض لم يكن موجها إلى القيمة الفنية لإسماعيل أحمد رحمه الله، بقدر ما كان رهانا في ذلك الوقت من طرفي على جيل آخر من المغنين كان في طليعتهم عبد الهادي بلخياط.
    حاول عامر إقناعي بأن أتراجع عن اعتراضي، لكنني أقنعته بأن هذا الاعتراض هو في مقابل اعتراضه على بلخياط.
    لكن من سيغني «راحلة»؟ هكذا سألني عامر، فاقترحت عليه على الفور، سيغنيها مطرب شاب اسمه محمد الحياني، والذي كان في بداية مشواره يرافقنا في بعض الجلسات الطربية وحفظ أغنية «راحلة» من خلال صوت عبد الهادي بلخياط، فقال لي إنه مغن مبتدئ، وأجبته بأن عبد الهادي بلخياط كان مغنيا مبتدئا عندما أسندنا إليه غناء قصيدة «ميعاد»، لكنه حقق نجاحا كبيرا، وكَرَّس ذلك النجاح بشكل كبير في قصيدة «القمر الأحمر».
    لقد كان محمد الحياني يرافقنا أنا وعامر في بعض الجلسات الطربية بمنزلي أو بمنازل بعض أصدقائنا الفنانين، من رجال مسرح وتشكيل وموسيقيين، أو عند بعض المعجبين، وفي عدد من تلك اللقاءات كان عبد الهادي يؤدي منفردا على العود أغنية «راحلة» وتأكد لي فيما بعد أن محمد الحياني حفظ «راحلة» من خلال صوت عبد الهادي بلخياط.
    لذلك، عندما طلبت من عامر أن نجرب محمد الحياني، وجدناه حافظا عن ظهر قلب «راحلة»، فأداها أمامنا، ثم خضع لفترة تمرين على أدائها مع الجوق، فأبدع في أدائها وحققت «راحلة» نجاحا باهرا.
    لقد ظلت «راحلة» في حياة محمد الحياني هاجسا عاطفيا حارقا، حيث أسقط عليها استيهاماته ورحلة عذابه ومعاناته أمام صروف الدهر وانكسارات المرحلة، وقد غناها أمامي على العود في لحظة إنسانية حميمية، من لحظات أواخر حياته، فرأيت الدمع في عينيه، وتأكدت حينها أنه يغنيها لنفسه، لذاته الجريحة.
    لذلك ليس غريبا أن تظل أغنية «راحلة»، التي أداها محمد الحياني رحمه الله بإحساس الفنان الحقيقي، حية رغم ما يقارب الأربعين سنة، وقد استطاع أن ينقل ذلك الإحساس العاطفي الشجي إلى ملايين المغاربة الذين جعلوا مثله أغنية «راحلة» حديقة لاستيهاماتهم وإسقاطاتهم العاطفية، حيث يأخذ الرحيل أو الغياب أو الفقدان بشحناته المادية أو الرمزية المعنى الذي يريده كل من ارتبطت «راحلة» بذكرى أو واقعة أو جرح ما في تاريخه الشخصي».
    تعد أغنية «راحلة» من أشهر الأغاني المغربية، جمعت بين الشعر الحزين والإيقاع الشجي والصوت الخالد فكانت ملتقى العاشق والحالم والتواق إلى أغنية متكاملة تحكي قصة رحيل جارة يعشقها الشاعر ويكتب الشعر لأجلها. وبعد خمسة وأربعين سنة من طرحها لا تزال الأغنية تطرب وتشجي الجمهور بفضل الكلمات الخالدة للشاعر المغربي الكبير عبد الرفيع الجواهري الذي يعد واحداً من أكثر الشعراء الذين كان الرحيل أو الغياب أو الفقدان محور أشعارهم، إضافة إلى الإيقاع الشجي المتدفق من موسيقى ولحن عبد السلام عامر، والشجن المنبعث من صوت المطرب الراحل محمد الحياني، أحد أعمدة الأغنية المغربية الكلاسيكية. عندليب المغرب الحياني أطلق عليه الملك المغربي الراحل الحسن الثاني الذي كان يُكن له عطفاً خاصاً، لقب عندليب المغرب العربي، وقال عنه عبد الحليم حافظ، إنه خير من سيخلفه، وارتبط الحياني بهذا اللقب بسبب أغانيه الحزينة والصدق في التعبير، ومن هنا استمد نجاحه واستمراريته. ولد محمد الحياني عام 1947 بمدينة الدار البيضاء، وتربع على عرش الأغنية المغربية من بداية السبعينيات وحتى منتصف التسعينيات، ويمثل بالنسبة للمغاربة ظاهرة بصوته الجميل وأغانيه المميزة، رحل مبكراً وهو في قمة عطائه عام 1996. معاناة وفرصة ظلت أغنية «راحلة» التي طرحها الحياني عام 1970تجسيداً حياً لمعاناته الحقيقية، وحسب شهادات شعراء وملحنين ومطربين كانوا شاهدين على مرحلة ولادة «راحلة»، فان الأغنية تنافس عدة مطربين على غنائها وتدربوا عليها وسجلوها بأصواتهم على العود لاقناع ملحنها عبد السلام عامر بأن كل منهم هو الأفضل لأداء الأغنية، من هؤلاء، المطرب الكبير عبد الهادي بلخياط والمطرب المخضرم محمود الإدريسي، لكن الأقدار شاءت ان تذهب الأغنية لمطرب صاعد راهن عليه الشاعر عبد الرفيع الجواهري لتكون الأغنية أول نجاح له وانطلاقة حقيقية في مساره الفني.

Комментарии • 4

  • @souvenir_des_Ancien_PUB
    @souvenir_des_Ancien_PUB Год назад +2

    الله يرحم محمد الحياني ❤❤🤲🤲🤲

  • @moikanal878
    @moikanal878 Год назад

    اه على سمحمد الحياني. قلبي يتقطع . رحمك الله يا سمحمد

    • @nostalgiachannelmaroc
      @nostalgiachannelmaroc  Год назад

      عندليب المغرب بصوته الشجي لا مثيل له رحمه الله.