حقيقة الشكر موصول للقائمين على هذا العمل الرائع والشكر أيضا موصول لفضيلة الأستاذ الشيخ محمد نصيف حفظه الله ورعاه وزاده من فضله حقيقة أبهرني بتأليفه لزبدة البلاغة زاده الله من فضله
ملخص الشرح مكتوبًا تحت المتن. 1- حَمْدًا لِرَبِّي وأُصَلِّي دَائِمَا عَلَى النَّبِي، خُذْ زُبْدَةً وَلْتُحْكِمَا ابتدأ الناظم - حفظه الله - بحمد الله تعالى؛ لأنه المستحق للحمد في كلّ حال، ويزداد ذلك إذا كان الحال حال بثّ للعلم، ثم ثنَى بالصلاة على النبي ﷺ فهو أعظم مخلوق جعله الله سببًا لإيصال الخير لنا، فمن حقه أن نصلي عليه دائمًا. قوله: «خُذْ زُبدة» يُشير فيه إلى أنّ هذا النظم له أصل، وهو: كتاب صغير الحجم اسمه: «زبدة البلاغة» للناظم نفسه، فرأى المؤلف أن ينظمه تسهيلًا لطلاب العلم. قوله: «ولتحكما» فيه إشارة لضرورة إحكام وإتقان فهم المسائل مهما بدت سهلة قريبة؛ لأنه سيُبنى عليها الكثير فيما بعد. المُقدِّمَةُ 2- بَلَاغَةُ الْكَلَامِ بِالْمُطَابَقَهْ لِلْحَالِ مَعْ فَصَاحَةٍ مٌحَقَّقَهْ يكون الكلام بليغًا إذا اجتمع فيه أمران: أ- مطابقة الكلام للحال التي قيل فيها ذلك الكلام. ب- فصاحة الكلام. الأمور التي تتحقق بها الفصاحة: 3- = بِــ«يُسْرٍ نُطْقٍ» وَ«وُضُوحِ مَعْنَى» وَ«صِحَّةِ التَّرْكِيبِ» - قُلْ - وَ«الْمَبْنَى» تتحقق الفصاحة بأربعة أمور، وهي: أ- «يسر النطق». ب- «وضوح المعنى». ويُحكى أن نحويًا سقط عن حماره فاجتمع الناس عليه؛ فقال: «مالكم تكأكأتم عليّ كتكأكئكم على ذي جنّة، افرنقعوا»، وهذا الكلام يُشتمل على عيبين من عيوب الكلام: - أن بعض الألفاظ نطقها عسير، وهذا مخالف للفصاحة. - أن بعض الكلمات غير واضحة. جـ- «صحة التركيب»، والمراد بذلك: اتّباع قواعد النحو. د- «صحة المبنى»، والمراد بذلك: اتّباع قواعد الصرف. أسباب وضع علم البلاغة 4- لِطِبْقِ حَالٍ وَضَعُوا الْمَعَانِي وَيُعْرَفُ الْوْضُوحُ بِالْبَيَانِ 5- وَيَسْلَمُ المَعْنَى مِنَ التَّعْقِيدِ وَالْحُسْنُ بِالبَدِيعِ ذِي التَّجْدِيدِ هذان البيتان فيهما أسباب وضع علم البلاغة، وهي: علم المعاني: لمعرفة كيفية مطابقة الكلام لمقتضى الحال. علم البيان: لمعرفة كيف يكون الكلام واضحًا إذا لم يرد المتكلم الظاهرَ، وكذلك أن يكون الكلام سالمًا من التعقيد. مثال الواضح: أن يقول أستاذ عن طالبه: «هذا الطالب كالأسد»، فيُفهم من هذا التشبيه أنه شجاع، وكان هذا التشبيه واضحًا؛ لأنه شبّه بشيء مألوف. مثال غير الواضح: أن يقول قائل: «تزوجت جنية» يقصد بذلك امرأة جميلة؛ فإن هذا غير واضح، وغير مألوف في لغة العرب. تنبيه: الوضوح من عدمه يختلف باختلاف الأعراف، ففي بعض البلاد الإفريقية - مثلًا - يُقال عن الرجل الشجاع: «هذا الرجل كالقط» وهذا غير مألوف في العربية، لكنه كلام فصيح في لغة أهل تلك البلد، والمعيار هنا في الاستعمال العربي للكلمات والمعاني. علم البديع: لمعرفة كيفية تحسين الكلام، والمراد من قوله: «ذي التجديد»: أنّ هذا العلم من أكثر العلوم القابلة للتجديد، بل إنّ فنونه لا تنحصر، ويأتي في كلّ عصر مَن يُضيف محسّنات جديدة. عِلْمُ المَعانِي 6- عِلْمٌ بِهِ لِمُقْتَضَى الْحَالِ يُرَى لَفْظٌ مُطَابِقًا وَفِيهِ ذُكِرَا علم المعاني وُضع لمعرفة كيفية مطابقة الكلام للحال، والكلام العربي له صور مختلفة؛ فإذا أردت أن تخبر عن زيد بأنه أكل؛ تستطيع أن تقول: «أكل زيد»، و«زيد يأكل»، و«ما أكل إلا زيد»، و«زيد الآكل»، فهذه الجمل تشترك في الإخبار عن زيد بإثبات الأكل لزيد، لكن معانيها تختلف كثيرًا، والعلم الذي يُخبرك كيفية اختيار التعبير والترتيب الأنسب للكلام هو: «علم المعاني»، ويندرج تحته ثمانية أبواب تُذكر في البيتين التاليين: أبواب علم المعاني 7. «إسْنَادٌ»، «مُسْنَدٌ إِلَيهِ»، «مُسْنَدُ» وَ«مُتَعَلَّقَاتُ فِعْلٍ» تُورَدُ 8- «قَصْرٌ»، وَ«إِنْشَاءٌ»، وَ«فَصْلٌ وَصْلٌ» اوْ «إِيجَازٌ اطْنَابٌ مُسَاوَاةٌ» رَأَوْا أبواب علم المعاني ثمانية، وهي: «الإسناد»، و«المُسنَد إليه»، و«المسند»، و«متعلقات الفعل»، و«القصر» و«الإنشاء»، و«الفصل والوصل»، و«الإيجاز، والإطناب، والمساواة». الجملة المفيدة تتكون من ثلاثة أركان: أ- الإسناد، وهو العلاقة بين «المُسنَد»، و«المُسنَد إليه»، وليس له لفظ مُحدد. ب- المُسنَد إليه: وهو إما أن يكون «مبتدأ»، أو «فاعلًا» جـ- المُسنَد: وهو إما أن يكون «فعلًا»، أو «خبرًا». مثال ذلك: في قولك: «أكل زيد» فإن «الأكل» هو المسند، و«زيد»: المسنَد إليه، و«الإثبات» هو الإسناد. متعلقات الفعل: كلمات ليست من الأركان لكن لها أهمية، وهي متعلقة بــ«المُسند» لأن الفعل منه؛ فــ«اللحم»، و«مسرعًا» من قولك: «أكل زيد اللحم مسرعًا» ليسا من أركان الجملة، لكنهما يتعلقان بالفعل. 9- وَخَشْيَةَ التَّكْرَارِ فِي الْأَبْوَابِ خَالَفْتُ تَسْهيلًا عَلَى الطُّلَّابِ خالف الناظم ترتيب الأبواب المذكورة، فلن توجد في غير هذا الكتاب بهذا الترتيب؛ لأمرين أ- لأن هناك ثلاثة أبواب من أبواب علم المعاني بينها تشابه كبير، ويحصل بذكرها في كتب البلاغة تكرار، وهي: «المُسنَد»، و«المُسنَد إليه»، و«متعلقات الفعل». ب- للتسهيل على الطلاب. وهو ليس ابتكارًا من الناظم، وإنما هناك عدد من المعاصرين رتّبوا هذا الترتيب، وقبلهم شيخ البلاغيين الجرجاني. التتمة في التعليقات👇
الْبَابٌ الأوّلٌ: الْإِسْنَادُ 10- فِيهِ الْأَهَمُّ أَضْرُبُ الْتَّوْكِيدِ: «فَإِنْ يَكُنْ خِطَابُ ذِي تَرْدِيدِ 11- أَكِّدْ»، «وَإِنْ يُنْكِرْ فَزِدْ»، «وَالْخَالِي يَخْلُو»، «وَخَالِفْ لِاقْتِضَاءِ الْحَالِ» أضْرُب: جمع «ضَرْبٍ»، وتُسمى «أضرب التوكيد» عند البلاغيين: «أضرب الخبر»، أي: أنواع الخبر، والمراد بذلك: أنواع الخبر بالنسبة للتوكيد، وقد ذُكر في هذين البيتين عدة قواعد في باب التوكيد، مع التنبيه إلى أنّ القواعد في علم البلاغة مُعينة وليست ضابطة تمامًا، فهي «قواعد هادية»، وليست حاكمة. القاعدة الأولى: أن يكون المُخاطَب مترددًا في الحكم، ففي هذه الحال يحسن توكيد الكلام له، ويكون بمؤكد واحد استحسانًا. مثال القاعدة: أن تقول الأمُّ للأب عندما دخل البيت: «أكل الأولاد وناموا»، فإذا كان مترددًا؛ لأنهم دائمًا ينامون دون أن يأكلوا تقول له: «قد أكل الأولاد وناموا». القاعدة الثانية: إذا كان المخاطَب منكرًا للحكم فيُؤكد له بمؤكد أكثر بحسب درجة الإنكار، فلكما زاد الإنكار زاد التوكيد. مثال القاعدة: كالمثال في القاعدة التي قبلها، فإذا كان الأب منكرًا لنوم الأولاد تقول الأمّ: «والله لقد أكل الأولاد وناموا». القاعدة الثالثة: إذا كان المُخاطَب ليس له عهد سابق في الكلام فيخلو الكلام من التوكيد. القاعدة الرابعة: قد تجد شخصًا غير منكر للحكم، لكنك تعامله كأنه منكر؛ لأنه وإن لم يكن منكرًا بلسانه إلّا أن حاله كحال المنكرين. مثال القاعدة: قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ إِنَّكُم بَعۡدَ ذَ ٰلِكَ لَمَیِّتُونَ﴾،فالموت لا ينكره أحد، لكنّ هذا من باب معاملة غير المنكر كأنه منكر؛ لأن تصرفاته تشبه تصرفات المنكرين. دلالات الفعل: 12- وَالْفِعْلُ جَاءَ «لِلْحُدُوثِ» وَ«الزَّمَنْ» «مُضَارِعٌ مُكَرَّرٌ إِنِ اقْتَرَنْ» للفعل دلالتان وضعيتان: الأولى: الحدوث/ التجدد، والمراد بذلك: أنّ هذا الشيء حدث بعد أن لم يكن الثانية: الزمن، والمراد بذلك: تحديد الزمن الذي وقع به هذا الحدث. فقولنا: «أكل زيد» يدلّ على شيئين: أ- أنه لم يكن يأكل ثم شرع بالأكل. ب- أنه أكل بالزمن الماضي. قوله: «مضارع مكرر…» يُشير إلى دلالة الفعل المضارع - خصوصًا - عند وجود القرينة، أي: عند وجود شيء يُقارن الكلام من اللفظ، أو المعنى، أو السياق عمومًا يدلّ على تكرار حدوث الشيء مرة بعد أخرى. مثال ذلك: قولك: «يجتهد زيد، ليت كلّ أبنائنا مثله» فمن قولنا: «ليت كلّ أبنائنا مثله» نفهم أن هذه الصفة ستكون متكررة، وليست للحال. فائدة: من أسماء «المكرر»: «الاستمرار»، و«التكرر الاستمراري»، و«التجدد»، و«التكرار»، ونفهم من هذا أن مصطلح «التجدد» قد يأتي بمعنى «الحدوث»، أو «التكرار». فائدة: الدلالات - في هذا الباب أو غيره - نوعان: أ- دلالة وضعية، والمراد بها: أن العرب وضعوا هذا الشيء للدلالة على هذا المعنى. ب- دلالة بالقرائن، وهذه محل اجتهاد أكثر من النوع الأوّل. دلالات الاسم: 13- وَالْاِسْمُ جَاءَ «مُثْبِتَ الْأَحْكَامِ» «قَرِينَةٌ تَزِيدُ لِلدَّوَامِ» للاسم دلالةٌ وضعية واحدة، وهي: «الإثبات»، فإن وُجدت قرينة سيزيد أمر آخر، وهو: «الدوام». مثال الإثبات: قولك: «شعر زيد أبيض» فهذا مجرّد إثبات أنّه «أبيض»، لكن هل كان من قبل أبيض مذ كان؟، أو تجدد البياض فيه؟ هذا كلّه محتمل، فالاسم لا يدل على ذلك. الدوام: استمرار الاتّصاف بالشيء، وهو استمرار أقوى من استمرار الفعل المضارع. الْبَابٌ الثاني: الذِّكْرُ وَالْحَذْفُ 14- فَلْتَذْكُرِ الْمَجْهُولَ مَعْلُومٌ حُذِفْ ذَا الْأَصْلُ فِي الْجُزْأَينِ، وَارْعَ مَا أَصِفْ والمراد بذلك: أن جزئي الجملة الأساسيين هما «المسند»، و«المسند إليه»، الأصل فيهما: أن يُذكر المجهول، ويُحذف المعلوم. مثال ذلك: إذا كنتَ تُعرّف شخصًا بنفسك تقول له - مثلًا -: «اسمي محمد»، فهنا ذكرتَ المسند والمسند إليه، أما إذا قال لك: ما اسمك؟ فتقول له: «محمد»، دون أن تقول: «اسمي»، فتكون في هذه الحال قد حذفت المجهول. 15- «مَقَامَ تَطْوِيلٍ»، وَ«حُبَّ الذِّكْرِ» وَعَكْسُهُ تُدْرِكُهُ بِالْفِكْرِ هناك مقامات يُرجّح فيها الذكر، وهي: أ- مقام التطويل. مثال ذلك: قال الله تعالى: ﴿أَفَأَمِنَ أَهۡلُ ٱلۡقُرَىٰٓ أَن يَأۡتِيَهُم بَأۡسُنَا بَيَٰتٗا وَهُمۡ نَآئِمُونَ ٩٧ أَوَأَمِنَ أَهۡلُ ٱلۡقُرَىٰٓ أَن يَأۡتِيَهُم بَأۡسُنَا ضُحٗى وَهُمۡ يَلۡعَبُونَ ٩٨ أَفَأَمِنُواْ مَكۡرَ ٱللَّهِۚ فَلَا يَأۡمَنُ مَكۡرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ ٩﴾، فقد تكرر في الآيات كلمة «أمن» مع أنها عُلمت من أوّل مرة، وسبب ذلك: أن المقام مقام تطويل، ففيه وعظ وتذكير لمن اشتد غفلته من المشركين ب- حبّ الذِّكر، أي: يكون الشيء مما تُحبّ أن تذكره. وهناك مقامات يُرجّح فيها الحذف، ويدخل في ذلك: أ- الإيجاز، كقول الشاعر: قَالَ لِي: كَيفَ أَنتَ؟ قُلتُ: عَلِيلُ. ب- بغض الذكر؛ كأن تقول امرأة لزوجها: «كُسر الإناء، فاشترِ لنا غيره» فهي هنا لم تصرّح بمن كسره؛ لأن الذي كسره ابنُها، فلا ترغب في ذكر ذلك. وهذا الأمر يرجع لفطنة وذكاء المتكلم في اختيار الأنسب. 16- والنَّظْمُ وَالسَّجْعُ لَهُ اعْتِبَارُ …………………………… قد يكون الحذف والذكر لمجرد مراعاة النَّظْمِ أو السجع، ومن أمثلة ذلك: أ- في السجع: قولك: «من كرُم أصله وُصل حبله»، أصلها: «وصل الناس حبله»، فحُذف الفاعل ليستقيم السجع. ب- في النظم: كقول المؤلف - حفظه الله -: وَالْفِعْلُ جَاءَ «لِلْحُدُوثِ» وَ«الزَّمَنْ» «مُضَارِعٌ مُكَرَّرٌ إِنِ اقْتَرَنْ» أي: إن اقترن بما يدل على التكرار، لكن حُذف هذا مراعاة للنظم.
…………………………… تَقْيِيدُ فَضْلَةٍ لَهُ أَسْرَارُ 17- فَحَذْفُهُ لِعَدَمِ التَّعَلُّقِ وَالذِّكْرُ كَيْ يُفِيدَ فَاحْذَرْ وَانْتَقِ الكلام له شيئان يتعلقان به: الأول: العُمَد، وهي: «المسند»، و«المُسند إليه». الثاني: الفضلات، وهي: ما بقي من الكلام غير العمد، والتقييد بها له أسرار، أي: فوائد، ومنها: أ- حذف الفضلات إذا لم يكن في ذكره غرض. مثال ذلك: قول القائل للمفتي عن رجل أكل وهو صائم: «ما حكم من أكل في نهار رمضان لحمًا؟» فإن ذكر المفعول لا فائدة منه؛ لأنه لا يُغيّر شيئًا في الحكم. ب- ذكر الفضلات إذا كان من ذكرها فائدة. مثال ذلك: قول القائل للمفتي عن رجل أكل وهو صائم: «ما حكم من أكل في نهار رمضان عامدًا، أو ناسيًا؟» فإن ذكر الحال مؤثّر في الحكم، فهناك فائدة من ذكره. ومع ذلك عليك أن تحذر وتنتقي؛ لأن المقام دقيق، فقد تأتي بالفضلة ولا داعي لها، أو تحذفها ولها حاجة. الْبَابٌ الثَّالِثُ: التَّعْرِيفُ وَالتَّنْكِيرُ 18- الْأَصْلَ فِي الْمَعْلُومِ أَنْ يُعَرَّفَا ثُمَّ الْبَلِيغُ يَنْتَقِي لِيُتْحِفَا إذا ذكرتَ معلومًا فالأصل أن تأتي به معرّفًا، والمعارف على المشهور ستة، وهي: «الضمائر»، و«أسماء الإشارة»، و«الأسماء الموصولة»، و«الأعلام»، والمعرف بأل»، و«المعرّف بالإضافة». مثال ذلك: إذا نجح أخ لك اسمه زيد، فالأصل أن تقول: «نجح زيد»، أو «نجح أخي»، لا أن تقول: «نجح رجل»، وينتقي البليغ المعرفةَ الأنسب 19- ضَمِيرَ غَائِبٍ لِئَلَّا يُوحِشَا وَعَلَمًا يُثْنِي بِهِ أَوْ يُفْحِشَا في هذا البيت ذكر أمثلة على انتقاء المعرفة، فذكر مثالين: الأول: تختار «ضمير الغائب» في التعريف إذا كان الأمر قاسيًا على السامع، فتأتي بضمير الغائب؛ لئلا توحشه؛ كقول الله تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّىٰۤ﴾ [عبس ١]، فلو قال: «عبس محمد» لكان فيه شيء من الوحشة. الثاني: تختار «الاسم العلم» للثناء، أو للذمّ، فإن مما يدخل في العلم: «الكنية»، و«اللقب»، ومثال ذلك: لو أن رجلًا اسمه: «ضُفيدع»، وكنيته: «أبو الفضل»، فإذا أردت ذمّه تذكره باسمه، وإذا أردت مدحه تذكره بكنيته. 20- إِشَارَةً رَفْعًا، عُمُومٌ بِالصِّلَهْ وَجُمْلَةٌ لِزَيدِ مَعْنًى حَامِلَهْ ومن أمثلة انتقاء المعرفة: الأول: الإتيان بــ«اسم الإشارة»، فيُؤتى به لأغراض، منها: إظهار رفعة المقام، فإن اسم الإشارة منه ما يكون للبعيد ومنه ما يكون للقريب، فإذا استُخدم اسم الإشارة الذي للبعيد لشيء هو قريب؛ فإن هذا يدلّ على رفعة المقام؛ كقول الله تعالى: ﴿تِلۡكَ ءَایَـٰتُ ٱللَّهِ نَتۡلُوهَا عَلَیۡكَ بِٱلۡحَقِّۗ﴾ [آل عمران ١٠٨] الثاني: الاسم الموصول يقتضي صلة، أي: جملة تفسر الصلة، وفي هذا البيت ذُكرت فائدتان متعلقان بذلك: أ- فائدة متعلقة بالاسم الموصول نفسه: فالإتيان به يُفيد العموم؛ كقول الله تعالى: ﴿لِّلَّهِ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۗ﴾ [البقرة ٢٨٤]، أي: كلّ ما تعرفه، وما لا تعرفه من موجودات في السماوات والأرض فإنها لله - تعالى -. ب- فائدة متعلقة بصلة الموصول: وهي: أنها تأتي بمعانٍ زائدة متعددة، منها: قوله تعالى: ﴿وَرَ ٰوَدَتۡهُ ٱلَّتِی هُوَ فِی بَیۡتِهَا عَن نَّفۡسِهِۦ﴾ [يوسف ٢٣]، فالتي راودته امرأة لكنه لم يذكر اسمها، بل أتى بالموصول وصلته، وهذا أفادنا سبب المراودة، وهو: أنه في بيتها، والخلطة والتقارب بين الجنسين يُوصل إلى هذا، وفيه تأكيد عفّة يوسف؛ لأن التي راودته لم تكن امرأة غريبة من الشارع، بل هي قريبة منه، وهذا أدعى للاستجابة. 21- إِضَافَةً تَشِي بِمَدْحٍ ذَمِّ وَاللَّامَ فَاعْرِفْ بَعْدَ هَذَا النَّظْمِ من أمثلة انتقاء المعرفة كذلك: الإتيان بــ«الإضافة» للمدح أو الذمّ، فإن الإضافة مركبة من «مضاف» و«مضاف إليه» وأحد المتضايفين يكسب الآخرَ شيئًا بهذه الإضافة. مثال المدح: قول الله تعالى: ﴿وَعِبَادُ ٱلرَّحۡمَـٰنِ﴾ [الفرقان ٦٣] مثال الذمّ: قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: «تعِس عبدُ الدينارِ» تشي: تُشعر. وتبقّى من المعارف: «أل» فمعرفتها تكون بعد هذا النظم؛ لأن فيها كلامًا طويلًا، وفيه صعوبة على المبتدئ. 22- جَهَالَةُ التَّنْكِيرِ مِنْهَا عَظِّمِ قَلِّلْ، وَفِي سِيَاقِ نَفْيٍ عَمِّمِ إذا كانت المعرفة مناسبة للمعلوم، فإن النكرة مناسبة للمجهول، ويتولّد عن هذه الجهالة أمور، منها: أوّلًا: التعظيم، أو التحقير. ثانيًا: التقليل، أو التكثير. فهذا المجهول يحتمل هذه الصور، والذي يدل على أحدها: السياق. مثال ذلك: ذُكرت كلمة «الحياة» في القرآن مرتين، في كلّ سياق تختلف عن الآخر، وهما: أ- قال الله تعالى عن أهل الكتاب: ﴿وَلَتَجِدَنَّهُمۡ أَحۡرَصَ ٱلنَّاسِ عَلَىٰ حَیَوٰةࣲ﴾ [البقرة ٩٦]، فكلمة «حياة» هنا تدل على التحقير والتقليل، فهم أحرص الناس على أيّ حياة مهما كانت قليلة، أو حقيرة. ب- قال الله تعالى ممتنًا على الأمة: ﴿وَلَكُمۡ فِی ٱلۡقِصَاصِ حَیَوٰةࣱ یَـٰۤأُو۟لِی ٱلۡأَلۡبَـٰبِ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة ١٧٩]، فكلمة «حياة» هنا تدل على التعظيم، والتكثير، أي: أن الذين سيحيون بسبب وجود القصاص كثيرون، وهي حياة عظيمة لما فيها من راحة وطمأنينة. ثالثًا: إفادة التعميم، إذا جاءت النكرة في سياق النفي. مثال ذلك: قال الله تعالى عن يوم الدين: ﴿یَوۡمَ لَا تَمۡلِكُ نَفۡسࣱ لِّنَفۡسࣲ شَیۡـࣰٔاۖ﴾ [الانفطار ١٩]، ففي الآية ثلاث نكرات، وهي: أ- «نفس»، فهذا يشمل أيّ نفس مهما كانت. ب- «لنفس»، فهذا يشمل أيّ نفس، ولو كانت من أشد النفوس حاجة لحسنة تنجيها من النار. جـ- «شيئًا»، أي: أيّ شيء مهما كان.
الْبَابٌ الرَّابِعُ: التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ 23- الْأَصْلُ فِي التَّقْدِيمِ الاِهْتِمَامُ فِي سِرِّهِ تَخْتَلِفُ الْأَفْهَامُ للمتكلم في العربية فسحة في تقديم الكلام وتأخيره، فتستطيع أن تقول: «نجح زيد»، و«زيد نجح»، وهذا التقديم والتأخير يُعطيك فسحة للتعبير عما في نفسك، فتقدم الأهم، وإذا كان كل تقديم للاهتمام فإن الشأن والسرّ في بيان وجه الأهمية في هذا السياق، فقد يكون الشيء أهمّ في مكان، وأقل أهمية في مكان آخر. من أسباب الاهتمام: 24- مِنْ ذَلِكَ «التَّعْجِيلُ» وَ«التَّشْوِيقُ» ………………………………... التعجيل: إذا أردت أن تعجل للسامع بما يحقق الغرض من الكلام. مثال ذلك: قال الله تعالى: ﴿قُلۡ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرࣲّ مِّن ذَ ٰلِكُمُۚ ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِیرُ﴾ [الحج ٧٢] ، فقدّم ذكر «النار»؛ لأن في ذكرها التعجيل بما يحصل به التخويف. التشويق: إذا أردت من الكلام أن يعرفه السامع بعد اشتياق، فتؤخره وتقدم غيره. مثال ذلك: قال الله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنۡ خَشۡيَةِ رَبِّهِم مُّشۡفِقُونَ ٥٧ وَٱلَّذِينَ هُم بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ يُؤۡمِنُونَ ٥٨ وَٱلَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمۡ لَا يُشۡرِكُونَ ٥٩ وَٱلَّذِينَ يُؤۡتُونَ مَآ ءَاتَواْ وَّقُلُوبُهُمۡ وَجِلَةٌ أَنَّهُمۡ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ رَٰجِعُونَ ٦٠ أُوْلَٰٓئِكَ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَهُمۡ لَهَا سَٰبِقُونَ ٦١﴾ إفادة التقديم للاختصاص: ………………………………... وَقَدْ يُزَادُ الْحَصْرُ، ذَا دَقِيقُ قد يزيد على معنى الاهتمام في التقديم معنى زائد، وهو: «الحصر». مثال ذلك: قال الله تعالى: ﴿إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ﴾ [الفاتحة ٥]، فهنا تقدم المفعول على الفعل، فهو يفيد الاهتمام، والحصر، أي: نعبدك ولا نعبد أحدًا غيرك. تنبيه: دلالة التقديم على الحصر ليست بأصل الوضع، وإنما هي بالقرائن، فهو أمر دقيق. س: ما الكتاب الذي يشمل تمارين ويُنصح به لضبط المسائل؟ الجواب: يُنصح الطالب بعد دراسة هذا النظم بأحد أمرين: الأول: دراسة كتاب أعلى من «زبدة البلاغة»، ويختار أحد هذين المقترحين: أ- «مائة المعاني والبيان» إن كان يميل للمتون. ب- دراسة كتاب «البلاغة العربية: فنونها وأفنانها» د. فضل عباس. الثاني: قراءة كتب التفسير، وتدبّر القرآن في الصلاة. ومن الكتب المقترح في التمارين البلاغية: - كتاب «البلاغة الميسرة في البيان والمعاني والبديع» لفيصل طحيمر العلي. - كتاب «تيسير البلاغة القرآنية» د. جاسم الفهيد. - كتاب «البلاغة الواضحة».
#مراجعة كتاب حسن الظن بالله للدكتور إياد قنيبي - عدد صفحات 202 رسائل إيمانية جميلة ومطمئنة للقلب، وبعضها عن تجارب حياتية وشخصية للكاتب، جزاه الله خيرًا، في باب حُسن الظن بالله ﷻ، وهو من أعظم الأبواب الإيمانية، ومن أجلّ العبادات القلبية التي ينبغي أن يتعلق بها المسلم هي وحبل الدعاء. فما من مسلمٍ يتكيء على حُسن ظنّه بربه تبارك وتعالى، ويتعلق بحبل الرجاء والدعاء، وبعدها يخذله ربه، حاشاه ﷻ. فعليه أن يرضى ويطمئن بحُسن تدبيره واختياره في أموره كلها، لأنه رب الخير، و رب الخير لا يأتي إلا بخير، ويوقن بأن ألطافه الخفية تحيط به في كل طرفة عين، وأنه في معيته وحفظه، وأن الله معه أين ما كان، وأنه ﷻ عند ظنّ عبده به، وهو القائل سبحانه في الحديث القدسي : "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي." وأنا ظني فيك يا ربي جميلٌ، فحقق يا إلهي حُسن ظنّي والمسلمين أجمعين. آمين يارب العالمين. المراجعة كتبتها عفاف عمار في موقع Good reads. رابط كتاب حسن الظن بالله www.mediafire.com/download/3onpyg7rwhzv91e
للفائد بعد متابعة الشرح عدم الأكتفاء بهذين المقطعين بل يوجد شروح للشيخ على الشبكة أكثر تفصيلا للكتاب وهناك ايضا شروح أخرى و السبب كما هو مذكور في الفديو الثاني هو ضيق الوقت فأتى الشرح هنا على عجالة.
جزاكم الله خيرا.
#طالبة_من_طلاب_البناء_المنهجي
#الدفعة_الأولى .
حفظ الله الشيخ محمد بن عبد العزيز نصيف
جزاكم الله خيرا وجزى الله القائمين على البناء المنهجي خيرا و اكاديمية زاد ، و لقد زادت هذه المحاضرة من حبي لكلام الله و للغة العرب
القارئ متمكن مخارج واضحة وصوت جميل ماشاء الله
واما الشيخ محمد نصيف فعالم في البلاغة
وهو دكتور في الجامعة الإسلامية بالمدينة
البلاغة العربية فنونها وافنانها
اليوم انزلت هذه المحاضرة في البناء المنهجي سمعت البدايات ولم اكمل لا ادري من اشكر اكثر بارك الله فيكم جميعا واكثر من امثالكم وجعلها في موازين حسناتكم
المبتدأ والفاعل : مسند إليه .. والخبر والفعل مسند .
حقيقة الشكر موصول للقائمين على هذا العمل الرائع والشكر أيضا موصول لفضيلة الأستاذ الشيخ محمد نصيف حفظه الله ورعاه وزاده من فضله حقيقة أبهرني بتأليفه لزبدة البلاغة زاده الله من فضله
رضي الله عنكم
جازاكم الله خيرا.البناء المنهجي الدفعة الثانية
حفظكم الله ورعاكم شيخنا الفاضل
من أروع الدروس شكرا لكم
ما شاء الله ، ما شاء الله ، اللهم بارك في هذا الشيخ ونفع به واجزه عنا خيرا
الله يجزيكم الخير ان شاء الله في ميزان حسناتكم
ملخص الشرح مكتوبًا تحت المتن.
1- حَمْدًا لِرَبِّي وأُصَلِّي دَائِمَا عَلَى النَّبِي، خُذْ زُبْدَةً وَلْتُحْكِمَا
ابتدأ الناظم - حفظه الله - بحمد الله تعالى؛ لأنه المستحق للحمد في كلّ حال، ويزداد ذلك إذا كان الحال حال بثّ للعلم، ثم ثنَى بالصلاة على النبي ﷺ فهو أعظم مخلوق جعله الله سببًا لإيصال الخير لنا، فمن حقه أن نصلي عليه دائمًا.
قوله: «خُذْ زُبدة» يُشير فيه إلى أنّ هذا النظم له أصل، وهو: كتاب صغير الحجم اسمه: «زبدة البلاغة» للناظم نفسه، فرأى المؤلف أن ينظمه تسهيلًا لطلاب العلم.
قوله: «ولتحكما» فيه إشارة لضرورة إحكام وإتقان فهم المسائل مهما بدت سهلة قريبة؛ لأنه سيُبنى عليها الكثير فيما بعد.
المُقدِّمَةُ
2- بَلَاغَةُ الْكَلَامِ بِالْمُطَابَقَهْ لِلْحَالِ مَعْ فَصَاحَةٍ مٌحَقَّقَهْ
يكون الكلام بليغًا إذا اجتمع فيه أمران:
أ- مطابقة الكلام للحال التي قيل فيها ذلك الكلام.
ب- فصاحة الكلام.
الأمور التي تتحقق بها الفصاحة:
3- = بِــ«يُسْرٍ نُطْقٍ» وَ«وُضُوحِ مَعْنَى» وَ«صِحَّةِ التَّرْكِيبِ» - قُلْ - وَ«الْمَبْنَى»
تتحقق الفصاحة بأربعة أمور، وهي:
أ- «يسر النطق».
ب- «وضوح المعنى».
ويُحكى أن نحويًا سقط عن حماره فاجتمع الناس عليه؛ فقال: «مالكم تكأكأتم عليّ كتكأكئكم على ذي جنّة، افرنقعوا»، وهذا الكلام يُشتمل على عيبين من عيوب الكلام:
- أن بعض الألفاظ نطقها عسير، وهذا مخالف للفصاحة.
- أن بعض الكلمات غير واضحة.
جـ- «صحة التركيب»، والمراد بذلك: اتّباع قواعد النحو.
د- «صحة المبنى»، والمراد بذلك: اتّباع قواعد الصرف.
أسباب وضع علم البلاغة
4- لِطِبْقِ حَالٍ وَضَعُوا الْمَعَانِي وَيُعْرَفُ الْوْضُوحُ بِالْبَيَانِ
5- وَيَسْلَمُ المَعْنَى مِنَ التَّعْقِيدِ وَالْحُسْنُ بِالبَدِيعِ ذِي التَّجْدِيدِ
هذان البيتان فيهما أسباب وضع علم البلاغة، وهي:
علم المعاني: لمعرفة كيفية مطابقة الكلام لمقتضى الحال.
علم البيان: لمعرفة كيف يكون الكلام واضحًا إذا لم يرد المتكلم الظاهرَ، وكذلك أن يكون الكلام سالمًا من التعقيد.
مثال الواضح: أن يقول أستاذ عن طالبه: «هذا الطالب كالأسد»، فيُفهم من هذا التشبيه أنه شجاع، وكان هذا التشبيه واضحًا؛ لأنه شبّه بشيء مألوف.
مثال غير الواضح: أن يقول قائل: «تزوجت جنية» يقصد بذلك امرأة جميلة؛ فإن هذا غير واضح، وغير مألوف في لغة العرب.
تنبيه: الوضوح من عدمه يختلف باختلاف الأعراف، ففي بعض البلاد الإفريقية - مثلًا - يُقال عن الرجل الشجاع: «هذا الرجل كالقط» وهذا غير مألوف في العربية، لكنه كلام فصيح في لغة أهل تلك البلد، والمعيار هنا في الاستعمال العربي للكلمات والمعاني.
علم البديع: لمعرفة كيفية تحسين الكلام، والمراد من قوله: «ذي التجديد»: أنّ هذا العلم من أكثر العلوم القابلة للتجديد، بل إنّ فنونه لا تنحصر، ويأتي في كلّ عصر مَن يُضيف محسّنات جديدة.
عِلْمُ المَعانِي
6- عِلْمٌ بِهِ لِمُقْتَضَى الْحَالِ يُرَى لَفْظٌ مُطَابِقًا وَفِيهِ ذُكِرَا
علم المعاني وُضع لمعرفة كيفية مطابقة الكلام للحال، والكلام العربي له صور مختلفة؛ فإذا أردت أن تخبر عن زيد بأنه أكل؛ تستطيع أن تقول: «أكل زيد»، و«زيد يأكل»، و«ما أكل إلا زيد»، و«زيد الآكل»، فهذه الجمل تشترك في الإخبار عن زيد بإثبات الأكل لزيد، لكن معانيها تختلف كثيرًا، والعلم الذي يُخبرك كيفية اختيار التعبير والترتيب الأنسب للكلام هو: «علم المعاني»، ويندرج تحته ثمانية أبواب تُذكر في البيتين التاليين:
أبواب علم المعاني
7. «إسْنَادٌ»، «مُسْنَدٌ إِلَيهِ»، «مُسْنَدُ» وَ«مُتَعَلَّقَاتُ فِعْلٍ» تُورَدُ
8- «قَصْرٌ»، وَ«إِنْشَاءٌ»، وَ«فَصْلٌ وَصْلٌ» اوْ «إِيجَازٌ اطْنَابٌ مُسَاوَاةٌ» رَأَوْا
أبواب علم المعاني ثمانية، وهي: «الإسناد»، و«المُسنَد إليه»، و«المسند»، و«متعلقات الفعل»، و«القصر» و«الإنشاء»، و«الفصل والوصل»، و«الإيجاز، والإطناب، والمساواة».
الجملة المفيدة تتكون من ثلاثة أركان:
أ- الإسناد، وهو العلاقة بين «المُسنَد»، و«المُسنَد إليه»، وليس له لفظ مُحدد.
ب- المُسنَد إليه: وهو إما أن يكون «مبتدأ»، أو «فاعلًا»
جـ- المُسنَد: وهو إما أن يكون «فعلًا»، أو «خبرًا».
مثال ذلك: في قولك: «أكل زيد» فإن «الأكل» هو المسند، و«زيد»: المسنَد إليه، و«الإثبات» هو الإسناد.
متعلقات الفعل: كلمات ليست من الأركان لكن لها أهمية، وهي متعلقة بــ«المُسند» لأن الفعل منه؛ فــ«اللحم»، و«مسرعًا» من قولك: «أكل زيد اللحم مسرعًا» ليسا من أركان الجملة، لكنهما يتعلقان بالفعل.
9- وَخَشْيَةَ التَّكْرَارِ فِي الْأَبْوَابِ خَالَفْتُ تَسْهيلًا عَلَى الطُّلَّابِ
خالف الناظم ترتيب الأبواب المذكورة، فلن توجد في غير هذا الكتاب بهذا الترتيب؛ لأمرين
أ- لأن هناك ثلاثة أبواب من أبواب علم المعاني بينها تشابه كبير، ويحصل بذكرها في كتب البلاغة تكرار، وهي: «المُسنَد»، و«المُسنَد إليه»، و«متعلقات الفعل».
ب- للتسهيل على الطلاب.
وهو ليس ابتكارًا من الناظم، وإنما هناك عدد من المعاصرين رتّبوا هذا الترتيب، وقبلهم شيخ البلاغيين الجرجاني.
التتمة في التعليقات👇
الْبَابٌ الأوّلٌ: الْإِسْنَادُ
10- فِيهِ الْأَهَمُّ أَضْرُبُ الْتَّوْكِيدِ: «فَإِنْ يَكُنْ خِطَابُ ذِي تَرْدِيدِ
11- أَكِّدْ»، «وَإِنْ يُنْكِرْ فَزِدْ»، «وَالْخَالِي يَخْلُو»، «وَخَالِفْ لِاقْتِضَاءِ الْحَالِ»
أضْرُب: جمع «ضَرْبٍ»، وتُسمى «أضرب التوكيد» عند البلاغيين: «أضرب الخبر»، أي: أنواع الخبر، والمراد بذلك: أنواع الخبر بالنسبة للتوكيد، وقد ذُكر في هذين البيتين عدة قواعد في باب التوكيد، مع التنبيه إلى أنّ القواعد في علم البلاغة مُعينة وليست ضابطة تمامًا، فهي «قواعد هادية»، وليست حاكمة.
القاعدة الأولى: أن يكون المُخاطَب مترددًا في الحكم، ففي هذه الحال يحسن توكيد الكلام له، ويكون بمؤكد واحد استحسانًا.
مثال القاعدة: أن تقول الأمُّ للأب عندما دخل البيت: «أكل الأولاد وناموا»، فإذا كان مترددًا؛ لأنهم دائمًا ينامون دون أن يأكلوا تقول له: «قد أكل الأولاد وناموا».
القاعدة الثانية: إذا كان المخاطَب منكرًا للحكم فيُؤكد له بمؤكد أكثر بحسب درجة الإنكار، فلكما زاد الإنكار زاد التوكيد.
مثال القاعدة: كالمثال في القاعدة التي قبلها، فإذا كان الأب منكرًا لنوم الأولاد تقول الأمّ: «والله لقد أكل الأولاد وناموا».
القاعدة الثالثة: إذا كان المُخاطَب ليس له عهد سابق في الكلام فيخلو الكلام من التوكيد.
القاعدة الرابعة: قد تجد شخصًا غير منكر للحكم، لكنك تعامله كأنه منكر؛ لأنه وإن لم يكن منكرًا بلسانه إلّا أن حاله كحال المنكرين.
مثال القاعدة: قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ إِنَّكُم بَعۡدَ ذَ ٰلِكَ لَمَیِّتُونَ﴾،فالموت لا ينكره أحد، لكنّ هذا من باب معاملة غير المنكر كأنه منكر؛ لأن تصرفاته تشبه تصرفات المنكرين.
دلالات الفعل:
12- وَالْفِعْلُ جَاءَ «لِلْحُدُوثِ» وَ«الزَّمَنْ» «مُضَارِعٌ مُكَرَّرٌ إِنِ اقْتَرَنْ»
للفعل دلالتان وضعيتان:
الأولى: الحدوث/ التجدد، والمراد بذلك: أنّ هذا الشيء حدث بعد أن لم يكن
الثانية: الزمن، والمراد بذلك: تحديد الزمن الذي وقع به هذا الحدث.
فقولنا: «أكل زيد» يدلّ على شيئين:
أ- أنه لم يكن يأكل ثم شرع بالأكل.
ب- أنه أكل بالزمن الماضي.
قوله: «مضارع مكرر…» يُشير إلى دلالة الفعل المضارع - خصوصًا - عند وجود القرينة، أي: عند وجود شيء يُقارن الكلام من اللفظ، أو المعنى، أو السياق عمومًا يدلّ على تكرار حدوث الشيء مرة بعد أخرى.
مثال ذلك: قولك: «يجتهد زيد، ليت كلّ أبنائنا مثله» فمن قولنا: «ليت كلّ أبنائنا مثله» نفهم أن هذه الصفة ستكون متكررة، وليست للحال.
فائدة: من أسماء «المكرر»: «الاستمرار»، و«التكرر الاستمراري»، و«التجدد»، و«التكرار»، ونفهم من هذا أن مصطلح «التجدد» قد يأتي بمعنى «الحدوث»، أو «التكرار».
فائدة: الدلالات - في هذا الباب أو غيره - نوعان:
أ- دلالة وضعية، والمراد بها: أن العرب وضعوا هذا الشيء للدلالة على هذا المعنى.
ب- دلالة بالقرائن، وهذه محل اجتهاد أكثر من النوع الأوّل.
دلالات الاسم:
13- وَالْاِسْمُ جَاءَ «مُثْبِتَ الْأَحْكَامِ» «قَرِينَةٌ تَزِيدُ لِلدَّوَامِ»
للاسم دلالةٌ وضعية واحدة، وهي: «الإثبات»، فإن وُجدت قرينة سيزيد أمر آخر، وهو: «الدوام».
مثال الإثبات: قولك: «شعر زيد أبيض» فهذا مجرّد إثبات أنّه «أبيض»، لكن هل كان من قبل أبيض مذ كان؟، أو تجدد البياض فيه؟ هذا كلّه محتمل، فالاسم لا يدل على ذلك.
الدوام: استمرار الاتّصاف بالشيء، وهو استمرار أقوى من استمرار الفعل المضارع.
الْبَابٌ الثاني: الذِّكْرُ وَالْحَذْفُ
14- فَلْتَذْكُرِ الْمَجْهُولَ مَعْلُومٌ حُذِفْ ذَا الْأَصْلُ فِي الْجُزْأَينِ، وَارْعَ مَا أَصِفْ
والمراد بذلك: أن جزئي الجملة الأساسيين هما «المسند»، و«المسند إليه»، الأصل فيهما: أن يُذكر المجهول، ويُحذف المعلوم.
مثال ذلك: إذا كنتَ تُعرّف شخصًا بنفسك تقول له - مثلًا -: «اسمي محمد»، فهنا ذكرتَ المسند والمسند إليه، أما إذا قال لك: ما اسمك؟ فتقول له: «محمد»، دون أن تقول: «اسمي»، فتكون في هذه الحال قد حذفت المجهول.
15- «مَقَامَ تَطْوِيلٍ»، وَ«حُبَّ الذِّكْرِ» وَعَكْسُهُ تُدْرِكُهُ بِالْفِكْرِ
هناك مقامات يُرجّح فيها الذكر، وهي:
أ- مقام التطويل.
مثال ذلك: قال الله تعالى: ﴿أَفَأَمِنَ أَهۡلُ ٱلۡقُرَىٰٓ أَن يَأۡتِيَهُم بَأۡسُنَا بَيَٰتٗا وَهُمۡ نَآئِمُونَ ٩٧ أَوَأَمِنَ أَهۡلُ ٱلۡقُرَىٰٓ أَن يَأۡتِيَهُم بَأۡسُنَا ضُحٗى وَهُمۡ يَلۡعَبُونَ ٩٨ أَفَأَمِنُواْ مَكۡرَ ٱللَّهِۚ فَلَا يَأۡمَنُ مَكۡرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ ٩﴾، فقد تكرر في الآيات كلمة «أمن» مع أنها عُلمت من أوّل مرة، وسبب ذلك: أن المقام مقام تطويل، ففيه وعظ وتذكير لمن اشتد غفلته من المشركين
ب- حبّ الذِّكر، أي: يكون الشيء مما تُحبّ أن تذكره.
وهناك مقامات يُرجّح فيها الحذف، ويدخل في ذلك:
أ- الإيجاز، كقول الشاعر: قَالَ لِي: كَيفَ أَنتَ؟ قُلتُ: عَلِيلُ.
ب- بغض الذكر؛ كأن تقول امرأة لزوجها: «كُسر الإناء، فاشترِ لنا غيره» فهي هنا لم تصرّح بمن كسره؛ لأن الذي كسره ابنُها، فلا ترغب في ذكر ذلك.
وهذا الأمر يرجع لفطنة وذكاء المتكلم في اختيار الأنسب.
16- والنَّظْمُ وَالسَّجْعُ لَهُ اعْتِبَارُ ……………………………
قد يكون الحذف والذكر لمجرد مراعاة النَّظْمِ أو السجع، ومن أمثلة ذلك:
أ- في السجع: قولك: «من كرُم أصله وُصل حبله»، أصلها: «وصل الناس حبله»، فحُذف الفاعل ليستقيم السجع.
ب- في النظم: كقول المؤلف - حفظه الله -:
وَالْفِعْلُ جَاءَ «لِلْحُدُوثِ» وَ«الزَّمَنْ» «مُضَارِعٌ مُكَرَّرٌ إِنِ اقْتَرَنْ»
أي: إن اقترن بما يدل على التكرار، لكن حُذف هذا مراعاة للنظم.
…………………………… تَقْيِيدُ فَضْلَةٍ لَهُ أَسْرَارُ
17- فَحَذْفُهُ لِعَدَمِ التَّعَلُّقِ وَالذِّكْرُ كَيْ يُفِيدَ فَاحْذَرْ وَانْتَقِ
الكلام له شيئان يتعلقان به:
الأول: العُمَد، وهي: «المسند»، و«المُسند إليه».
الثاني: الفضلات، وهي: ما بقي من الكلام غير العمد، والتقييد بها له أسرار، أي: فوائد، ومنها:
أ- حذف الفضلات إذا لم يكن في ذكره غرض.
مثال ذلك: قول القائل للمفتي عن رجل أكل وهو صائم: «ما حكم من أكل في نهار رمضان لحمًا؟» فإن ذكر المفعول لا فائدة منه؛ لأنه لا يُغيّر شيئًا في الحكم.
ب- ذكر الفضلات إذا كان من ذكرها فائدة.
مثال ذلك: قول القائل للمفتي عن رجل أكل وهو صائم: «ما حكم من أكل في نهار رمضان عامدًا، أو ناسيًا؟» فإن ذكر الحال مؤثّر في الحكم، فهناك فائدة من ذكره.
ومع ذلك عليك أن تحذر وتنتقي؛ لأن المقام دقيق، فقد تأتي بالفضلة ولا داعي لها، أو تحذفها ولها حاجة.
الْبَابٌ الثَّالِثُ: التَّعْرِيفُ وَالتَّنْكِيرُ
18- الْأَصْلَ فِي الْمَعْلُومِ أَنْ يُعَرَّفَا ثُمَّ الْبَلِيغُ يَنْتَقِي لِيُتْحِفَا
إذا ذكرتَ معلومًا فالأصل أن تأتي به معرّفًا، والمعارف على المشهور ستة، وهي: «الضمائر»، و«أسماء الإشارة»، و«الأسماء الموصولة»، و«الأعلام»، والمعرف بأل»، و«المعرّف بالإضافة».
مثال ذلك: إذا نجح أخ لك اسمه زيد، فالأصل أن تقول: «نجح زيد»، أو «نجح أخي»، لا أن تقول: «نجح رجل»، وينتقي البليغ المعرفةَ الأنسب
19- ضَمِيرَ غَائِبٍ لِئَلَّا يُوحِشَا وَعَلَمًا يُثْنِي بِهِ أَوْ يُفْحِشَا
في هذا البيت ذكر أمثلة على انتقاء المعرفة، فذكر مثالين:
الأول: تختار «ضمير الغائب» في التعريف إذا كان الأمر قاسيًا على السامع، فتأتي بضمير الغائب؛ لئلا توحشه؛ كقول الله تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّىٰۤ﴾ [عبس ١]، فلو قال: «عبس محمد» لكان فيه شيء من الوحشة.
الثاني: تختار «الاسم العلم» للثناء، أو للذمّ، فإن مما يدخل في العلم: «الكنية»، و«اللقب»، ومثال ذلك: لو أن رجلًا اسمه: «ضُفيدع»، وكنيته: «أبو الفضل»، فإذا أردت ذمّه تذكره باسمه، وإذا أردت مدحه تذكره بكنيته.
20- إِشَارَةً رَفْعًا، عُمُومٌ بِالصِّلَهْ وَجُمْلَةٌ لِزَيدِ مَعْنًى حَامِلَهْ
ومن أمثلة انتقاء المعرفة:
الأول: الإتيان بــ«اسم الإشارة»، فيُؤتى به لأغراض، منها: إظهار رفعة المقام، فإن اسم الإشارة منه ما يكون للبعيد ومنه ما يكون للقريب، فإذا استُخدم اسم الإشارة الذي للبعيد لشيء هو قريب؛ فإن هذا يدلّ على رفعة المقام؛ كقول الله تعالى: ﴿تِلۡكَ ءَایَـٰتُ ٱللَّهِ نَتۡلُوهَا عَلَیۡكَ بِٱلۡحَقِّۗ﴾ [آل عمران ١٠٨]
الثاني: الاسم الموصول يقتضي صلة، أي: جملة تفسر الصلة، وفي هذا البيت ذُكرت فائدتان متعلقان بذلك:
أ- فائدة متعلقة بالاسم الموصول نفسه: فالإتيان به يُفيد العموم؛ كقول الله تعالى: ﴿لِّلَّهِ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۗ﴾ [البقرة ٢٨٤]، أي: كلّ ما تعرفه، وما لا تعرفه من موجودات في السماوات والأرض فإنها لله - تعالى -.
ب- فائدة متعلقة بصلة الموصول: وهي: أنها تأتي بمعانٍ زائدة متعددة، منها: قوله تعالى: ﴿وَرَ ٰوَدَتۡهُ ٱلَّتِی هُوَ فِی بَیۡتِهَا عَن نَّفۡسِهِۦ﴾ [يوسف ٢٣]، فالتي راودته امرأة لكنه لم يذكر اسمها، بل أتى بالموصول وصلته، وهذا أفادنا سبب المراودة، وهو: أنه في بيتها، والخلطة والتقارب بين الجنسين يُوصل إلى هذا، وفيه تأكيد عفّة يوسف؛ لأن التي راودته لم تكن امرأة غريبة من الشارع، بل هي قريبة منه، وهذا أدعى للاستجابة.
21- إِضَافَةً تَشِي بِمَدْحٍ ذَمِّ وَاللَّامَ فَاعْرِفْ بَعْدَ هَذَا النَّظْمِ
من أمثلة انتقاء المعرفة كذلك: الإتيان بــ«الإضافة» للمدح أو الذمّ، فإن الإضافة مركبة من «مضاف» و«مضاف إليه» وأحد المتضايفين يكسب الآخرَ شيئًا بهذه الإضافة.
مثال المدح: قول الله تعالى: ﴿وَعِبَادُ ٱلرَّحۡمَـٰنِ﴾ [الفرقان ٦٣]
مثال الذمّ: قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: «تعِس عبدُ الدينارِ»
تشي: تُشعر.
وتبقّى من المعارف: «أل» فمعرفتها تكون بعد هذا النظم؛ لأن فيها كلامًا طويلًا، وفيه صعوبة على المبتدئ.
22- جَهَالَةُ التَّنْكِيرِ مِنْهَا عَظِّمِ قَلِّلْ، وَفِي سِيَاقِ نَفْيٍ عَمِّمِ
إذا كانت المعرفة مناسبة للمعلوم، فإن النكرة مناسبة للمجهول، ويتولّد عن هذه الجهالة أمور، منها:
أوّلًا: التعظيم، أو التحقير.
ثانيًا: التقليل، أو التكثير.
فهذا المجهول يحتمل هذه الصور، والذي يدل على أحدها: السياق.
مثال ذلك: ذُكرت كلمة «الحياة» في القرآن مرتين، في كلّ سياق تختلف عن الآخر، وهما:
أ- قال الله تعالى عن أهل الكتاب: ﴿وَلَتَجِدَنَّهُمۡ أَحۡرَصَ ٱلنَّاسِ عَلَىٰ حَیَوٰةࣲ﴾ [البقرة ٩٦]، فكلمة «حياة» هنا تدل على التحقير والتقليل، فهم أحرص الناس على أيّ حياة مهما كانت قليلة، أو حقيرة.
ب- قال الله تعالى ممتنًا على الأمة: ﴿وَلَكُمۡ فِی ٱلۡقِصَاصِ حَیَوٰةࣱ یَـٰۤأُو۟لِی ٱلۡأَلۡبَـٰبِ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة ١٧٩]، فكلمة «حياة» هنا تدل على التعظيم، والتكثير، أي: أن الذين سيحيون بسبب وجود القصاص كثيرون، وهي حياة عظيمة لما فيها من راحة وطمأنينة.
ثالثًا: إفادة التعميم، إذا جاءت النكرة في سياق النفي.
مثال ذلك: قال الله تعالى عن يوم الدين: ﴿یَوۡمَ لَا تَمۡلِكُ نَفۡسࣱ لِّنَفۡسࣲ شَیۡـࣰٔاۖ﴾ [الانفطار ١٩]، ففي الآية ثلاث نكرات، وهي:
أ- «نفس»، فهذا يشمل أيّ نفس مهما كانت.
ب- «لنفس»، فهذا يشمل أيّ نفس، ولو كانت من أشد النفوس حاجة لحسنة تنجيها من النار.
جـ- «شيئًا»، أي: أيّ شيء مهما كان.
الْبَابٌ الرَّابِعُ: التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ
23- الْأَصْلُ فِي التَّقْدِيمِ الاِهْتِمَامُ فِي سِرِّهِ تَخْتَلِفُ الْأَفْهَامُ
للمتكلم في العربية فسحة في تقديم الكلام وتأخيره، فتستطيع أن تقول: «نجح زيد»، و«زيد نجح»، وهذا التقديم والتأخير يُعطيك فسحة للتعبير عما في نفسك، فتقدم الأهم، وإذا كان كل تقديم للاهتمام فإن الشأن والسرّ في بيان وجه الأهمية في هذا السياق، فقد يكون الشيء أهمّ في مكان، وأقل أهمية في مكان آخر.
من أسباب الاهتمام:
24- مِنْ ذَلِكَ «التَّعْجِيلُ» وَ«التَّشْوِيقُ» ………………………………...
التعجيل: إذا أردت أن تعجل للسامع بما يحقق الغرض من الكلام.
مثال ذلك: قال الله تعالى: ﴿قُلۡ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرࣲّ مِّن ذَ ٰلِكُمُۚ ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِیرُ﴾ [الحج ٧٢] ، فقدّم ذكر «النار»؛ لأن في ذكرها التعجيل بما يحصل به التخويف.
التشويق: إذا أردت من الكلام أن يعرفه السامع بعد اشتياق، فتؤخره وتقدم غيره.
مثال ذلك: قال الله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنۡ خَشۡيَةِ رَبِّهِم مُّشۡفِقُونَ ٥٧ وَٱلَّذِينَ هُم بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ يُؤۡمِنُونَ ٥٨ وَٱلَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمۡ لَا يُشۡرِكُونَ ٥٩ وَٱلَّذِينَ يُؤۡتُونَ مَآ ءَاتَواْ وَّقُلُوبُهُمۡ وَجِلَةٌ أَنَّهُمۡ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ رَٰجِعُونَ ٦٠ أُوْلَٰٓئِكَ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَهُمۡ لَهَا سَٰبِقُونَ ٦١﴾
إفادة التقديم للاختصاص:
………………………………... وَقَدْ يُزَادُ الْحَصْرُ، ذَا دَقِيقُ
قد يزيد على معنى الاهتمام في التقديم معنى زائد، وهو: «الحصر».
مثال ذلك: قال الله تعالى: ﴿إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ﴾ [الفاتحة ٥]، فهنا تقدم المفعول على الفعل، فهو يفيد الاهتمام، والحصر، أي: نعبدك ولا نعبد أحدًا غيرك.
تنبيه: دلالة التقديم على الحصر ليست بأصل الوضع، وإنما هي بالقرائن، فهو أمر دقيق.
س: ما الكتاب الذي يشمل تمارين ويُنصح به لضبط المسائل؟
الجواب: يُنصح الطالب بعد دراسة هذا النظم بأحد أمرين:
الأول: دراسة كتاب أعلى من «زبدة البلاغة»، ويختار أحد هذين المقترحين:
أ- «مائة المعاني والبيان» إن كان يميل للمتون.
ب- دراسة كتاب «البلاغة العربية: فنونها وأفنانها» د. فضل عباس.
الثاني: قراءة كتب التفسير، وتدبّر القرآن في الصلاة.
ومن الكتب المقترح في التمارين البلاغية:
- كتاب «البلاغة الميسرة في البيان والمعاني والبديع» لفيصل طحيمر العلي.
- كتاب «تيسير البلاغة القرآنية» د. جاسم الفهيد.
- كتاب «البلاغة الواضحة».
جزاك الله عنا خيرا الجزاء
@@Muhammad_Shumis جزاك الله خيرا
لم لا يظهر لي هذا التعليق؟
بارك الله فيكم
وفقكم الله قناة رائعة
ما شاء الله
رائع جدا
وفقكم الله
جزاكم الله خيرا 🤍
جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل
جزاك الله خيرا
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
شكرا جزيلا أساتذتي لقد استفدت كثيرا من هذا الشرح بارك الله فيكم وجعل ما تقومون به من نشر للعلم في ميزان حسناتكم
01:08:25
جزاكم الله خيرا مشايخنا جميعا
#مراجعة كتاب حسن الظن بالله
للدكتور إياد قنيبي - عدد صفحات 202
رسائل إيمانية جميلة ومطمئنة للقلب، وبعضها عن تجارب حياتية وشخصية للكاتب، جزاه الله خيرًا، في باب حُسن الظن بالله ﷻ، وهو من أعظم الأبواب الإيمانية، ومن أجلّ العبادات القلبية التي ينبغي أن يتعلق بها المسلم هي وحبل الدعاء.
فما من مسلمٍ يتكيء على حُسن ظنّه بربه تبارك وتعالى، ويتعلق بحبل الرجاء والدعاء، وبعدها يخذله ربه، حاشاه ﷻ. فعليه أن يرضى ويطمئن بحُسن تدبيره واختياره في أموره كلها، لأنه رب الخير، و رب الخير لا يأتي إلا بخير، ويوقن بأن ألطافه الخفية تحيط به في كل طرفة عين، وأنه في معيته وحفظه، وأن الله معه أين ما كان، وأنه ﷻ عند ظنّ عبده به، وهو القائل سبحانه في الحديث القدسي :
"أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي."
وأنا ظني فيك يا ربي جميلٌ، فحقق يا إلهي حُسن ظنّي والمسلمين أجمعين.
آمين يارب العالمين.
المراجعة كتبتها عفاف عمار في موقع
Good reads.
رابط كتاب حسن الظن بالله
www.mediafire.com/download/3onpyg7rwhzv91e
جزاك الله خيرا استاذي
جزاكم الله خيرا
لعلكم تضعون هذه الشروحات الموفقه في قوائم التشغيل لتتم الفائدة وتسهل على من يريدها
جزاكم الله خيرا. ❤️
موجودة فعلا في احدى قوائم تشغيل تابعة لبرنامج "ليتفقهوا" موجودة مع غيرها
تم اول يوم العيد 🎉 1.شوال
السلام عليكم...
هل تأذنون بنشره على قناتي مع الاحتفاظ بالشعار مفهرسًا ومقسمًا؟
لأغراض التسهيل على طلبة العلم ليس إلا...
1:2:35
للفائد بعد متابعة الشرح عدم الأكتفاء بهذين المقطعين بل يوجد شروح للشيخ على الشبكة أكثر تفصيلا للكتاب وهناك ايضا شروح أخرى و السبب كما هو مذكور في الفديو الثاني هو ضيق الوقت فأتى الشرح هنا على عجالة.
جزاك الله خيرا
نريد رابط المتن
موجود في وصف الفيديو اخي الحبيب
@1:31:50
مفيش تفريغ للشرح
هناك تلخيص له لطالب علم يسمى محمد شميس، بارك الله فيه!
مين الي بيقرا في البداية دا يا جماعة لو سمحت
ما اسم القارئ الذي استفتحت الحلقة بتلاوته ؟
ما شاء الله ، ما شاء الله ، اللهم بارك في هذا الشيخ ونفع به واجزه عنا خيرا
جزاك الله خير
جزاكم الله خيرا