شخصية الله - حلقة 13 - صفات الله الطبيعية - كلي المعرفة

Поделиться
HTML-код
  • Опубликовано: 11 сен 2024
  • في هذه الحلقة، سوف نتناول أخر صفة من صفات الله الطبيعية وهي كونه كُلًي المعرفة.
    4. الله كلي المعرفة
    "أَنْتَ عَرَفْتَ جُلُوسِي وَقِيَامِي.فَهِمْتَ فِكْرِي مِنْ بَعِيدٍ. مَسْلَكِي وَمَرْبَضِي ذَرَّيْتَ وَكُلَّ طُرُقِي عَرَفْتَ.لأَنَّهُ لَيْسَ كَلِمَةٌ فِي لِسَانِي إِلاَّ وَأَنْتَ يَا رَبُّ عَرَفْتَهَا كُلَّهَا.مِنْ خَلْفٍ وَمِنْ قُدَّامٍ حَاصَرْتَنِي وَجَعَلْتَ عَلَيَّ يَدَكَ. عَجِيبَةٌ هَذِهِ الْمَعْرِفَةُ فَوْقِي ارْتَفَعَتْ لاَ أَسْتَطِيعُهَا" (مز139: 2- 6)
    "وَلَكِنَّ الَّذِي يَفْحَصُ الْقُلُوبَ يَعْلَمُ مَا هُوَ اهْتِمَامُ الرُّوحِ لأَنَّهُ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ يَشْفَعُ فِي الْقِدِّيسِينَ". (رو8: 27)
    "يَا لَعُمْقِ غِنَى اللهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ! مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاسْتِقْصَاءِ!" (رو11: 33)
    معنى أن الله كلي المعرفة أنه يعرف كل الماضي لأنه قد حدث, ويعرف كل الحاضر لأنه يراه يحدث لأن كل الوجود هو في حضرة الله, ويعرف أيضاً كل المستقبل.
    كيف يعرف الله كل المستقبل وما تأثير ذلك على الانسان؟ هل لكون الله كلي المعرفة يُفقد الانسان حريته في الاختيار وتحديد مصيره؟ ولماذا لم يتدخل الله طالما أنه كلي المعرفة ليمنع الكثيرين من أن يضيعوا أنفسهم وآخرين معهم؟ فالله بصفته كلي المعرفة، وهو يعلم المستقبل، ويعرف أن شخصاً ما سوف يولد سيضر بالمئات والآلاف من البشر وسيتسبب في هلاك الكثيرين, فلماذا يسمح لهذا الشخص أن يولد؟ وإذا كان يعرف أنني سأخطئ لماذا يتركني أفعل الخطية؟ وإن كان الله وهو كلي المعرفة عالم أن جماعة معينة هي التي ستقبل الخلاص وعمل المسيح الكفاري، فلماذا خلق الله باقي البشر؟
    سوف نناقش احتمالات كيفية معرفة الله الكلية للمستقبل والتي تتلخص في أحد الاحتمالين:
    أولاً: الله هو واضع المستقبل وهو صانعه: وبالتالي فنحن نعيش قصة قد سبق الله وكتبها ولذلك لم يعد لحرية الانسان أي معنى أو قيمة وهذا ما يسمى بالقدرية، فالله قد حدد ميعاد ولادتي وميعاد وفاتي وكتب كل الاحداث التي بينهما.
    ثانياً: الله يرى المستقبل (أو يستطيع أن يتوقعه بدقة متناهية): إن جزء من هذا المستقبل هو صنعة يد الله وتدخله في مجريات الأمور مثل خطته للخلاص والفداء والفرص التي سوف يعطيها لنا نحن البشر على الأرض، وبالتالي فله معرفة كاملة بها, وجزء آخر هو ردود فعل البشر لما يصنعه الله, وأخيراً ما يصنعه إبليس في حياة الناس.
    الله يتركني أفعل الخطية وذلك لأنه قد خلقني بإرادة حرة قادرة أن تختار بين الخير والشر، ويقرر أن لا يتدخل في حياتي حتى لا يلغي إرادتي الحرة. هذا الأمر لا يفعله الله على الاطلاق.
    إذا افترضنا مرة أخرى أن حدث ما سوف يقع في المستقبل يضر بحياتي، وهذا الحدث هو من اختياري الشخصي، وقرر الله أن يتدخل ليمنع هذا الحدث.. ألا يعتبر هذا تعد صارخ على حرية اختياري؟ وإذا تدخل الله وقرر أن يمنع وجودي أصلاً بمنع ميلادي من البداية.. ربما لا يعتبر هذا بالنسبة ليَ تعد على حريتي لأني غير موجود أساساً، ولكن يعتبر هذا كسراً للقانون الإلهي الذي وضعه الله من البداية وهو حرية الاختيار.
    لذلك يتعامل الله معنا- مع أنه يستطيع أن يتوقع المستقبل بدقة شديدة- كأنه لا يعرف المستقبل, وهذا مانراه جلياً في ما فعله المسيح حينما كان يتكلم مع تلاميذه وقت العشاء الأخير، فبينما كان يتكلم عن أمور رائعة نظر إلى بطرس قائلاً له قبل أن يصيح الديك تنكرني ثلاث مرات. ولكن، مع أن المسيح أخبر عن أمر سيحدث في المستقبل إلا أنه لم يتعامل مع بطرس بناءً على ما سيفعله، فالله يعيش معي الحاضر فقط وكأنه لا يعرف المستقبل.
    معرفة الله للمستقبل أمر يتعلق بالله ولا يؤثر علينا, فالله لن يعاملنا بما يستطيع أن يعرفه عنا ولكن بما نصنعه بالفعل, وهذا مانراه في كل تعاملات الله مع الإنسان، فعند اختيار الله لشاول كان يرى انصراف قلبه من وراءه, وعند اختيار داود ملكاً كان يرى ضعف قلبه وخطيته، ولكنه يرفض أن يعامل الانسان بحسب معرفته الكلية، وهذا مصدر الأمان في علاقتنا بالله أنه رغم معرفته بما سوف نصنعه يعاملنا بحسب حاضرنا فقط.
    الله الغير محدود في الزمان والمكان والقدرة والمعرفة يخرج خارج لامحدوديته إلى محدوديتنا ليتعامل معنا حسب ما نستطيع نحن أن نفهم ونعي وندرك. هذا هو التجسد والإخلاء.. هذا هو التواضع الإلهي الذي ينزل للإنسان ليأخذه إلى مجده وجلاله.. وهذا عين ماصنعه المسيح فلقد جاء إلى عالمنا ليرفعنا معه ويقيمنا معه. فالله في قدرته الغير المحدودة يحترم إختياري وفي معرفته الغير متناهية يقدر جهلي وعدم معرفتي. هذا هو الجمال والجلال الإلهي الذي يجعلنا نحبه ونعبده من أجل جماله وروعته وليس لأننا مضطرون إلى ذلك أو لأننا خائفون منه ومن بطشه.

Комментарии • 13