أخلاق خبيثة برنامج عوائق 37 للشيخ محمد جندية- لبنان

Поделиться
HTML-код
  • Опубликовано: 21 окт 2024
  • قال ابن قيم الجوزية: "الدين حسن الخلق؛ فمن زاد عليك في الخُلق فقد زاد عليك في الدين"؛ ومع أن الإنسان بفطرته ينفر من الأخلاق السيئة ويبغضها؛ إلا أنه قد يكون سيء الخلق خبيثاً مؤذياً؛ وهي صفات تعيق العبد في طريقه إلى ربه.
    يرى بعض العلماء أن الأخلاق أساسها الدين؛ مع أن المجتمع فيه متدينون ذوو أخلاق حسنة؛ وفيه أصحاب أخلاق خبيثة مرذولة.
    عندما هاجر بعض المسلمين الأوائل إلى الحبشة؛ اجتمع بهم ملك الحبشة وطلب من يتكلم باسمهم ويعرّف بهم؛ فقام جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه فتكلم؛ وركز على الجانب السلوكي الأخلاقي الإنساني من الاسلام، ومما قاله جعفر: أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية؛ نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونسيء الجوار ونقطع الرحم؛ حتى بعث الله فينا رسولاً منا؛ فأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار. ولقد آتت كلمة جعفر أكلها عند النجاشي؛ وقطف المسلمون المهاجرون يومها ثمارها؛ إذ لاقت استحساناً لدى ملك الحبشة لأن حسن الخلق ينسجم مع فطرة الانسان.
    قال الإمام الغزالي رحمه الله: «الأخلاق السيئة هي السموم القاتلة، والمهلكات الدّامغة، والمخازي الفاضحة، والرذائل الواضحة، والخبائث المبعدة عن جوار رب العالمين، وهي الأبواب المفتوحة إلى نار الله تعالى الموقدة، التي تطّلع على الأفئدة».
    سوء الخلق قد يتأصل في الإنسان فلا ينفك عنه؛ وقد عرّف بعضهم سوء الخق بقوله: هو عبارة عن: هيئة راسخة في النفس، تصدر عنها الأفعال القبيحة بسهولة ويسر، من غير حاجة إلى فكر ورويّة.
    الأخلاق مرتبطة بالدين؛ هذا رأي جل العلماء؛ وبعضهم يرى أن مفهوم الأخلاق يقوم على عدة عناصر، وهي:
    1- الإيمان بالله وحده خالقًا ورازقًا بيده الملك؛ وله صفات فضلى وعظمى.
    2- معرفة الله سبحانه وتعالى معرفة تقوم على أنه وحده سبحانه المستحق للعبادة؛ وهو وحده من يبتغى رضاه.
    3- وهذا يستلزم من الإنسان سموًا في أخلاقه، لأن الله عزوجل الذي يعبده؛ والذي يحرص على رضاه يحب أخلاقاً وسلوكيات معينة؛ ويكره ما كان ضدها؛ وبالتالي فإن التخلق بما يرضي الله تعالى جزء من عبادة الله؛ وسبب للقرب منه؛ والعكس بالعكس: هناك أخلاق وسلويات يكرهها الله؛ وبالتالي فإن الوقوع فيها يبعد عن الله عزوجل؛ ويوقع في معصيته؛ وهو خلاف عبادته تعالى.
    وعلى هذا يكون الخلق السيئ فعلًا إنسانيًا لا ترتبط فيه الأفعال بالطاعة والعبادة؛ أي أنه فعل يبعد العبد عن طاعة الله عزوجل.
    فكيف ينجح العالٍم في وظيفته إذا كان سيء الخلق؟ وكيف ينجح الزَّوج في حياته إذا كان غليظ الطبع؟ وكيف ينجح الدَّاعية في حياته إذا كان فظاً؟ وكيف ينجح الأخ مع إخوانه إذا كان شديداً عليهم ولم يكن حريصاً عليهم ولا رحيماً بهم؟
    فالأخلاق عليها مدار نجاح الإنسان في هذه الحياة، الخلق الحسن سلم يرقى به العبد إلى ربه؛ والخلق الخبيث عائق في طريق العبد إلى ربه؛ ونحن نعيش أزمة أخلاق في معظم المجالات؛ ولا حل إلا بالعودة إلى الدين لأن: " الدِّين كُلُّه هو الخُلقُ" كما قال بعض العلماء .
    الأخلاق الحسنة وكذلك السيئة منها مردودها يعود على البشر أنفسهم؛ ولكن من يتخلق بأخلاق سيئة لم يدرك الغاية الالهية منها؛ الغاية من الأخلاق الحسنة التي حض عليها الاسلام تهدف إلى تحقيق سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة.
    من هنا نستطيع أن نحكم على الإنسان الذي يقوم بعمل ما ولا يراعي فيه أوامر الله تعالى هو إنسان سيء الخلق؛ وهذا تعريف أو توصيف لسيء الخلق؛ من لا يضبط سلوكه بشرع الله تعالى هو سيء الخلق؛ فليحسن كل منا الحكم على نفسه بنفسه؛ شرع الله معيار؛ الله عزوجل أمر بصدق الحديث؛ بأداء الأمانة؛ بالصبر بالحلم على الناس؛ بالعدل؛ بالإحسان؛ بأداء الحقوق؛ فمخالفة هذه التعليمات تجعل صاحبها سيء الخلق في ميزان الشرع.
    صاحب الخلق السيء فاسد شرير؛ لأن سلوكه لا يتفق مع الواجبات الدينية والخلقية، ولا يتفق مع ما شرع الله أمرًا ونهيًا، وهو فعل منكر، وسلوك غير صالح، وهو ناتج عن مرض القلب.
    والناس على اختلاف مشاربهم يحبون محاسن الأخلاق، ويألفون أهلها، ويبغضون مساوئ الأخلاق، وينفرون من أهلها

Комментарии •