الإنجيل الشفهي - Oral Gospel

Поделиться
HTML-код
  • Опубликовано: 21 апр 2024
  • أن عصر النهضة الذي أرسى فيه الإنسان قواعد ما نشاهده الآن من تقدم علمي هائل وتفكير عقلاني منهجي، كان بداية الإلحاد والابتعاد عن المسيحية. كانت السواعد التي شيدت أسس الحضارة، هي نفسها التي حملت المعاول لهدم تلك الديانة. ففي ألمانيا كان إيمانويل كانط، وهرمان رايماروس، وليسنج وشيلر، ومن ورائهم الملك فريدريك الأكبر، أكثر المحاربين للمسيحية. وفى فرنسا تزعم فولتير الحملة الضارية على الكنيسة، رافعا شعار حاربوا الرجس والخرافات. وفى انجلترا كان هناك جون ملتون، وجون لوك وهوبز، وغيرهم من الذين هاجروا من المسيحية إلى الربوبية. وهنا يفرض سؤال نفسه، لماذا كانت يقظة العقل هي بداية الابتعاد عن المسيحية؟ كلمة انجيل لفظة يونانية معربة، ومعناها البشري أو الخبر السار. ومن المتفق عليه أن السيد المسيح لم يكتب إنجيلا، ولم يطلب من تلاميذه أن يكتبوا، ولكننا نجد الآن بين أيدينا أربعة أناجيل، لكل من متى ومرقس ولوقا ويوحنا. يقول كولمان فى كتابه العهد الجديد: بقي الإنجيل طيلة ثلاثين أو أربعين عاما فى شكله الشفهي فقط، على شكل اقوال وروايات منعزلة. وقد نسج المبشرون الروابط بين هذه الروايات، كل على طريقته وبحسب شخصيته واهتماماته اللاهوتية، أي أن إطار الأناجيل أدبي الطابع وليس له أساس تاريخي. ويؤكد ذلك القمص ميخائل مينا قائلا: لسنا نوضح خافيا إذا قلنا أن الكنيسة لبثت مدة طويلة بلا أسفار محررة بوحي إلهي، فهي ولا ريب كانت فى هذه الفترة تسير بحسب التعليمات التي تسلمتها شفويا من الرسل. وهو نفس رأي الكنيسة البروتستانتية الذي يقول: وقبل تدوين الإنجيل، كان الإنجيل الشفهي، أي نقل البشري شفهيا على لسان الرسل وتلاميذهم. وتؤكد ذلك مقدمة الترجمة المسكونية للعهد الجديد فتقول: وبهذا جمع المبشرون وحرروا كل حسب وجهة نظره الخاصة، ما أعطاهم إياه التراث الشفهي. إذاً من المتفق عليه، أن أقوال المسيح وأخبار الأحداث التي مر بها تناقلت شفويا معتمدة على الذاكرة فقط، وبفترة من ثلاثين إلى أربعين عاما كما يحددها كولمان. ويقرر وليم باركلي أستاذ العهد الجديد بجامعة جلاسكو، أن انجيل مرقس هو أقدم الأناجيل المكتوبة، ويحدد تاريخ تحريره بالعام ٦٥ ميلاديا. ويذكر ليون موريس فى تفسيره لإنجيل لوقا، أن معظم الكتاب يقرون أن إنجيل مرقس هو أول البشائر الأربع، ويعتقدون أن الأولوية لهذا الإنجيل، ويؤكد ذلك الرهبان اليسوعيون، أن تاريخ كتاب إنجيل مرقس كانت ما بين عام 65 الى 70 ميلادي. ويقول العقاد: إن الترتيب المفضل عند المؤرخين، أن إنجيل مرقس هو أقدم الأناجيل، ثم يليه إنجيل متى ثم إنجيل لوقا ثم إنجيل يوحنا. ويحدد دكتور نينهام تاريخ كتابة إنجيل مرقس، بالعام الخامس والستين أو السادس والستين الميلادي. وحيث أن المسيح قد توفاه الرب عن ثلاثة وثلاثين عاما، فتكون الفترة بين وفاة المسيح وتحرير أول انجيل، تبلغ اثنين وثلاثين عاما على الأقل. نخلص من هذه الشهادات السابقة، أنه قد اعتمد على الذاكرة وحدها لمدة اثنين وثلاثين عاما على الأقل لحفظ أقوال وسيرة السيد المسيح. ويقول ول ديورانت: لا يسع الإنسان إلا أن يشك فى تفاصيل الأحداث التي تناقلها الناس مشافهة ثم دونوها، بعد وقوعها بزمن طويل. من المؤكد أن تلاميذ المسيح الأنثى عشر الذين سمعوا أقوال المسيح مباشرة وعايشوا الأحداث التي مر بها، هم ناقلي التراث الشفهي أو الإنجيل الشفهي للآخرين. إلا أن الأناجيل تروى لنا أن السيد المسيح كان دائم التوبيخ لهؤلاء التلاميذ، لسوء فهمهم وقلة إدراكهم وضعف إيمانهم وتشككهم الدائم فيه. يقول إنجيل مرقس: فقال لهم المسيح أفأنتم أيضا هكذا غير فاهمين. وفى إصحاح آخر: فقال لهم كيف لا تفهمون، وفى إصحاح ثالث: لأنهم لم يفهموا إذ كانت قلوبهم غليظة. كذلك يخبرنا إنجيل متي أن المسيح قال لتلاميذه: أحتى الآن لا تفهمون، كما يخبرنا انجيل لوقا: وأما هم فلم يفهموا من ذلك شيئا. وقد بلغ هذا التوبيخ الذروة فى قول المسيح: ألا تشعرون بعد ولا تفهمون، أحتي الآن قلوبكم غليظة، ألكم أعين ولا تبصرون، ولكم آذان ولا تسمعون ولا تذكرون. أما عن إيمان هؤلاء التلاميذ ، يقول إنجيل متي: ثم تقدم التلاميذ إلى يسوع على انفراد وقالوا: لماذا لم نقدر نحن أن نخرج الشيطان من جسد الغلام، فقال لهم يسوع لعدم إيمانكم. وفى مناسبة أخرى: فقال لهم ما بالكم خائفين يا قليلي الإيمان، ووبخ المسيح تلاميذه قائلا: أيها الجيل غير المؤمن الملتوي، إلى متى أكون معكم، إلى متى احتملكم. كما أن المسيح انتهر بطرس أحد هؤلاء التلاميذ قائلا له: اذهب عني يا شيطان، لأنك لا تهتم بما للرب، لكن تهتم بما للناس.

Комментарии •