أَفاضِلُ النَّاسِ أَغراضٌ لدى الزَّمَنِ / ابو الطيب المتنبي / إلقاء الفنان عبد المجيد مجذوب

Поделиться
HTML-код
  • Опубликовано: 20 окт 2024
  • قصيدة قالها أبو الطيب في مدح أبا عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد الخصيبي، وهو حينئذ يتقلد القضاء بأنطاكية
    أَفاضِلُ النَّاسِ أَغراضٌ لدى الزَّمَنِ .. يَخلو مِنَ الهَمِّ أَخلاهُم مِنَ الفِطَنِ
    قال البرقوقي: الأغراض: جمع غرض، وهو الهدف يرمى بالسهم؛ والضمير في "أخلاهم" للناس
    يقول: إن الأفاضل من الناس كالأغراض للزمان يرميهم بنوائبه ويقصدهم بالمحن، فلا يزالون محزونين لبعد هممهم ولطف إحساسهم واهتمامهم بما دق وجل من عبر الدهر وصروفه فكأنهم هم المقصودون بها وإنما يخلو من الحزن من كان خالياً من الفطنة
    وإِنَّما نَحنُ في جيلٍ سَواسِيَةٍ .. شَرٍّ عَلى الحُرِّ مِن سُقمٍ عَلى بَدَنِ
    قال البرقوقي: الجيل: ضرب من الناس. وسواسية: يعني متساوين في الشر واللؤم، ولا يقال في الخير؛ وشر تفضيل بمعنى أشر، والمراد بالحر هنا: الكريم ضد اللئيم
    يقول: نحن في جيل من الناس قد تساووا في الشر دون الخير، فليس فيهم من يركن إليه ويعول عليه
    حَولي بِكُلِّ مَكانٍ مِنهُمُ خِلَقٌ .. تُخطي إِذا جِئتَ في استِفهامِها بِمَنِ
    قال البرقوقي: خلق: جمع خلقة، وهي الصورة التي يخلق عليها الشيء أراد بها الأشباح والأشخاص. وهو معلوم أن "من" يستفهم بها عمن يعقل، و "ما" عما لا يعقل، تقول للجماعة من الناس: من أنتم؟ وتقول: ما هذه القطعة أغنم هي أم إبل أم خيل؟.
    يقول: حولي من هؤلاء الناس جماعة كالبهائم، إذا أردت الاسستفهام عنهم فقل: ما أنتم، ولا تقل: من أنتم، وإلا عدوت الصواب
    لا أَقتَري بَلَداً إِلَّا عَلى غَرَرٍ .. ولا أَمُرُّ بِخَلقٍ غَيرِ مُضطَغِنِ
    قال البرقوقي: تقول: قروت البلاد واستقريتها: إذا تتبعتها تخرج من بلد إلى بلد. والغرر: الاسم- من قولهم غرر بنفسه إذا عرضها للهلكة- ومضطغن: ذو ضغن وحقد.
    يقول: لا أسافر إلا على خطر وخوف على نفسي من الحساد والأعداء. ولا أمر بأحد لا يكون له على حقد؛ يعني أنهم جهال أعداء لذوي الفضل والعلم، فلجهلهم وفضلي يعادونني.
    ولا أُعاشِرُ مِن أَملاكِهِم مَلِكَاً .. إِلَّا أَحَقَّ بِضَربِ الرَّأسِ مِن وثَنِ
    قال البرقوقي: الأملاك: جمع ملك. كجمل وأجمال والوثن: الصنم.
    يقول: لا أخالط أحداً من ملوكهم إلا وهو يستحق القتل. مثله مثل الصنم الذي لا يستحق إلا أن يحطم ويفصل بين رأسه وبدنه حتى لا يبقى على خلقة الإنسان.
    إِنّي لَأَعذِرُهُم مِمَّا أُعَنِّفُهُم .. حَتَّى أُعَنِّفُ نَفسي فيهِمِ وأَني
    فَقرُ الجَهولِ بِلا قَلبٍ إِلى أَدَبٍ .. فَقرُ الحِمارِ بِلا رَأسٍ إِلى رَسَنِ
    ومُدقِعينَ بِسُبروتٍ صَحِبتُهُمُ .. عارينَ مِن حُلَلٍ كاسينَ مِن دَرَنِ
    خُرّابِ بادِيَّةٍ غَرثى بُطونُهُمُ .. مَكْنُ الضِّبابِ لَهُم زادٌ بِلا ثَمَنِ
    يَستَخبِرونَ فَلا أُعطيهِمِ خَبَري .. ولا يَطيشُ لَهُم سَهمٌ مِنَ الظِّنَنِ
    وخَلَّةٍ في جَليسٍ أَلتَقيهِ بِها .. كَيما يَرى أَنَّنا مِثلانِ في الوَهَنِ
    وكِلمَةٍ في طَريقٍ خِفتُ أُعرِبُها .. فَيُهتَدى لي فَلَم أَقدِر عَلى اللَحنِ
    قَد هَوَّنَ الصَّبرُ عِندي كُلَّ نازِلَةٍ .. ولَيَّنَ العَزمُ حَدَّ المَركَبِ الخَشِنِ
    كَم مُخلَصٍ وعُلًى في خَوضِ مَهلَكَةٍ .. وقَتلَةٍ قُرِنَت بِالذَمِّ في الجُبُنِ
    لا يُعجِبَنَّ مَضيماً حُسنُ بِزَّتِهِ .. وهَل تَروقُ دَفيناً جُودَةُ الكَفَنِ
    للهِ حالٌ أُرَجّيها وتُخلِفُني .. وأَقتَضي كَونَها دَهري ويَمطُلُني
    مَدَحتُ قَوماً وإِن عِشنا نَظَمتُ لَهُم .. قَصائِداً مِن إِناثِ الخَيلِ والحُصُنِ
    تَحتَ العَجاجِ قَوافيها مُضَمَّرَةٌ .. إِذا تُنُوشِدنَ لَم يَدخُلنَ في أُذُنِ
    فَلا أُحارِبُ مَدفوعاً إِلى جُدُرٍ .. ولا أُصالِحُ مَغروراً عَلى دَخَنِ
    مُخَيِّمُ الجَمعِ بِالبَيداءِ يَصهَرُهُ .. حَرُّ الهَواجِرِ في صُمٍّ مِنَ الفِتَنِ
    أَلقى الكِرامُ الأُلى بادوا مَكارِمَهُم .. عَلى الخَصيبِيِّ عِندَ الفَرضِ والسُّنَنِ
    فَهُنَّ في الحَجرِ مِنهُ كُلَّما عَرَضَت .. لَهُ اليَتامى بَدا بِالمَجدِ والمِنَنِ
    قاضٍ إِذا التَبَسَ الأَمرانِ عَنَّ لَهُ .. رَأيٌ يُخَلِّصُ بَينَ الماءِ واللَبَنِ
    غَضُّ الشَّبابِ بَعيدٌ فَجرُ لَيلَتِهِ .. مُجانِبُ العَينِ لِلفَحشاءِ والوَسَنِ
    شَرابُهُ النَّشحُ لا لِلرِيِّ يَطلُبُهُ .. وطُعْمُهُ لِقَوامِ الجِسمِ لا السِّمَنِ
    القائِلُ الصِّدقَ فيهِ ما يُضِرُّ بِهِ .. والواحِدُ الحالَتَينِ السِّرِّ والعَلَنِ
    الفاصِلُ الحُكمَ عَيَّ الأَوَّلونَ بِهِ .. والمُظهِرُ الحَقَّ لِلسَّاهي عَلى الذَّهِنِ
    أَفعالُهُ نَسَبٌ لَو لَم يَقُل مَعَها .. جَدّي الخَصيبُ عَرَفنا العِرقَ بِالغُصُنِ
    العارِضُ الهَتِنُ ابنُ العارِضِ الهَتِنِ ابـ .. ــنِ العارِضِ الهَتِنِ ابنِ العارِضِ الهَتِنِ
    قَد صَيَّرَت أَوَّلَ الدُّنيا وآخِرَها .. آباؤُهُ مِن مُغارِ العِلمِ في قَرَنِ
    كَأَنَّهُم وُلدوا مِن قَبلِ أَن وُلدوا .. أَو كانَ فَهمُهُمُ أَيّامَ لَم يَكُنِ
    الخاطِرينَ عَلى أَعدائِهِم أَبَداً .. مِنَ المَحامِدِ في أَوقى مِنَ الجُنَنِ
    لِلناظِرينَ إِلى إِقبالِهِ فَرَحٌ .. يُزيلُ ما بِجِباهِ القَومِ مِن غَضَنِ
    كَأَنَّ مالَ ابنِ عَبدِ اللهِ مُغتَرَفٌ .. مِن راحَتَيهِ بِأَرضِ الرُّومِ واليَمَنِ
    لَم نَفتَقِد بِكَ مِن مُزنٍ سِوى لَثَقٍ .. ولا مِنَ البَحرِ غَيرَ الرّيحِ والسُّفُنِ
    ولا مِنَ اللَيثِ إِلَّا قُبحَ مَنظَرِهِ .. ومِن سِواهُ سِوى ما لَيسَ بِالحَسَنِ
    مُنذُ احتَبَيتَ بِإِنطاكِيَّةَ اعتَدَلَت .. حَتَّى كَأَنَّ ذَوي الأَوتارِ في هُدَنِ
    ومُذ مَرَرتَ عَلى أَطوادِها قَرِعَت .. مِنَ السُّجودِ فَلا نَبتٌ عَلى القُنَنِ
    أَخلَت مَواهِبُكَ الأَسواقَ مِن صَنَعٍ .. أَغنى نَداكَ عَنِ الأَعمالِ والمِهَنِ
    ذا جودُ مَن لَيسَ مِن دَهرٍ عَلى ثِقَةٍ .. وزُهدُ مَن لَيسَ مِن دُنياهُ في وطَنِ
    وهذِهِ هِمَّةٌ لَم يُؤتَها بَشَرٌ .. وذا اقتِدارُ لِسانٍ لَيسَ في المُنَنِ
    فَمُر وأَومٍ تُطَع قُدِّستَ مِن جَبَلٍ .. تَبارَكَ اللهُ مُجري الرُّوحِ في حَضَنِ

Комментарии • 2