من أمسية دارة الشعراء في عمَّان قصيدة "الرصاصة ما قبل الأخيرة" جاسر البزور تقديم ميس تيسير
HTML-код
- Опубликовано: 7 фев 2025
- "الرصاصة ما قبل الأخيرة"
رَصاصَتانِ وَرَأسٌ مائِلٌ وَيَدُ
كانت سَتُطلِقُ لَو لَم يَسقُط الجَسَدُ
رصاصَةُ القَهرِ أقوى من رَصاصَتِهِ
وكانَ أبطَأَ من خَيباتِهِ الزَّنَدُ
كانت رصاصَتُهُ الأولى سَتَقتُلُهُ
وكان يَصرُخُ في استسلامِهِ الوَلَدُ
يا أيُّها اليائسُ المتعوسُ خُذ نَفَسًا
حتَّامَ تَعبَثُ في أفكارِكِ العُقَدُ
هلا تَذَكَّرتَ نيسانًا وُلدتَ بِهِ
وَدَهشَةَ الأرضِ لمَّا شَقَّها السَّبَدُ
حُمِلتَ غَيمًا على الأزهارِ فاختَلَطَا
في نورِ وجهكَ روحُ العطرِ والرَّغَدُ
أتيتَ في حَفلِ أفراحٍ مُؤَجَّلَةٍ
فَكيفَ يَنحَبُ في مِزمارِكَ الكَمَدُ
هلَّا تَذَكَّرتَ حُبًّا كُنتَ تَبذُرُهُ
وقلبُكَ الخُبزُ فوقَ النارِ يُفتَأَدُ
تُقيمُ للخودِ ميقاتًا ومأدُبَةً
ليفتحَ الصُبحَ من أنفاسِهِنَ غَدُ
هلَّا تَذَكَّرتَ شِعرًا كنتَ تَعصرُهُ
وفوقَكَ الهَمُّ والآلامُ والكَبَدُ
قَدَّمتَهُ غَزَلًا في كأسِ أمسيةٍ
للمُغرَمينَ بِها شِربٌ وَمُبتَرَدُ
هلَّا تَذَكَّرتَ كم نادَمتَ داليةً
فيها مع الرَّاحِ "مُرتاحٌ ومُتَّسَدُ"
كل اللقاءات أوراقٌ وأغلفةٌ
لقِصَّةٍ فيكَ لم يَصدُر بها عَدَدُ
ما زالَ في جُعبَةِ الأيامِ مُتَّسَعٌ
ما زالَ يَنبُعُ من وجدانكَ الصَّفَدُ
لم يُكمِل الولدُ المخطوفُ صَرخَتَهُ
حتى تَكَسَّرَ في أنفاسِهِ الجَلَدُ
وأَسلَمَ الروحَ لم تُسمَع رَصاصَتُهُ
فرعشةُ الموتِ لا يدري بها أحَدُ
الآن تَذرِفُ أحداقُ القَصيدِ دَمًا
ويَختِمُ النَّصَّ في أجفانها الرَّمَدُ
والآن تنقُلُه الأخبارُ عاجلَةً
هيهات يَحفَلُ بالأخبارِ من رَقَدوا
لا تتركوا في رفوفِ الثلج جثَّتَهُ
وقد تَهيَّأَ لاستقبالهِ اللَّحَدُ
سَتُحجَبُ الشمسُ حَتمًا في جنازَتِهِ
ويَعزِفُ الحزنَ صوتُ الرِّيحِ والبَرَدُ
ويُعلَنُ اليومَ عيدٌ في تذَّكرهِ
وَيُبعدُ الحِقدُ والتَّهميشُ والحَسَدُ
لا يملكُ المرؤ أسبابًا لتُكرِمَهُ
إلا على الموتِ في منفاكَ يا بَلَدُ
جاسر البزور